خالد أخازي: في معنى الكلفة الحقيقية لشعار "عاش الملك"

خالد أخازي: في معنى الكلفة الحقيقية لشعار "عاش الملك" خالد أخازي
عاش الملك.... 
شعار يرفعه المظلوم لتأكيد إخلاصه ووفائه....
للنظر في قضيته ومظلمته ....
للاستنجاد بعاهل... الملك...
نسمعه كثيرا...
في وضعيات مختلفة... اعتصام... وقفة... عصيان ضد تنفيذ أحكام قضائية..
وأحيانا نرى نساء يغشى عليهن... كزائرات الراقي الماكر...ومشاهد شبه درامية... وبعدها يختفي الكل... ولا يبقى غير آثار القانون...
ونتفهم حرقة البعض... ألم البعض..
فأحيانا تطبيق القانون يكون مؤلما وقاسيا...
لكن دولة تتقاعس عن تطبيق القانون خوفا من الدهماء دولة مهددة بالخراب سلطة الغاب...
ونتفهم رفع صور الملك...
ونتفهم من يصيحون عاش الملك... نتفهم ألمهم... كما نتفهم ظروف عمل رجال ونساء تنفيذ القانون... وحماية الملك العمومي والمجتمع من الجريمة...
للأسف حتى القتلة وأهاليهم يظهرون ضحايا...
لكن.. أحيانا يصبح النداء ابتزازا نفسيا ومحاولة لتعطيل القانون... وتنفيذ الأحكام القضائية..
أن يتحول الشعار وصور الملك والاستنجاد به إلى ابتزاز نفسي لرجال ونساء من السلطة العمومية ينفذون القانون ويطبقون الأحكام الصادرة عن المحاكم... فذاك والله حق يراد به باطل...
فرجل السلطة وهو يحرر ملكا عموميا أو يباشر مهاما من اختصاصه ضمن قانون التعمير وفي سياق محاربة البناء العشوائي والأسواق العشوائية... قد يواجه بشعارات وطنية....
قد ترفع فيه وجهه عاش الملك...
قد يضعون لافتة وصورا للملك...
والحقيقة أن هذا نوع من الابتزاز النفسي لثني مسؤولي الدولة عن القيام بمهامهم وفق القانون....
أفاجأ شخصيا كثيرا بعملية إفراغ لسكن أو حي صفيحي... بمواجهات قوية... يردد فيها عاش الملك... وترفع فيها صور الملك...
يشعر قوات الأمن وتنفيذ القانون بهذا الابتزاز النفسي... يشعرون أنهم يتم ترويعهم بطرق ماكرة...
لكن أن تحمل صور الملك.... عليك أن تستحق ذلك...
رجال ونساء الأمن والسلطة المحلية... في حيص بيص...
رغم أنهم يعلمون أنهم ينفذون التعليمات والأحكام الصادرة باسم القانون والملك... لكن بعض المواقف مربكة حتى التوجس...
هؤلاء المنفذون للقانون رغم قسوته أحيانا أيضا يقولون عاش الملك أيضا... لكنهم ليسوا مضطرين لرفع أصواتهم...
يقولونها بطريقتهم لكن في أجمل صورة..
بوفائهم وإخلاصهم وتفانيهم... بسهرهم على الأمن والأمان والحقوق والحريات...
هم أيضا يقولون عاش الملك...
بأبهى صورة وأعظم طقس...
حين ننام ويسهرون...
حين يعرضون أنفسهم للخطر كي نسلم...
حين يتعبون ولا يتذمرون...
حين يشتغلون في القر والحر وتحت المطر ويبتسمون في وجهنا ونحن نعبر الطريق أو نتسلق جبلا للاستجمام..
حين يصلون معنا في المسجد ذاته...
حين نرتشف القهوة في مقهى الحي...
حين يحضرون العزاء والأفراح ويحيوننا تحيات الأعياد...
هم كنحن... نحن...
يمرضون... يعانون.... تغلبهم الحياة بمتطلباتها كباقي الناس...فيتحملون مصاريف عجزهم وآلامهم بصمت...
وقد يبكون بعيدا عن الأعين..
لا يرفعون صور الملك... لأن الملك في قلوبهم وحاضر في كل خطوة من خطواتهم...
لهذا هم وطنيون لكن بلا أضواء ولا ضوضاء
لا يخرجون على المواقع طلبا للإحسان... لأن رأسمالهم العفة ولو هم محتاجون.... كنحن... نحن...
هم أيضا يقولون عاش الملك..
بطريقتهم... بصمتهم... نسمعها في خطوهم.. في نظراتهم... في ليليهم الصعب... في حبهم للوطن غير المشروط
حين يؤدون الفواتير وكل الديون المتراكمة دون لغط سوى مت يسرون بهم لأصدقائهم...
هؤلاء الذين نرفع في وجههم صور الملك ونصيح عاش الملك...
هم أيضا لهم أحلامهم وأحزانهم وأوزارهم...
لا عيب أن يستنجد المظلوم بالملك...
إن كان على حق فصوته سيصل حتما...
وإن كان مجرد تشويش وضيع على منفذي القانون... فلن يتجاوز مكانه...
فليس غريبا أن ترفع النداءات والصيحات من حناجر المجرمين وأسرهم...؟
أليس غريبا أن يواجه رجال السلطة والأمن والشرطة وهم ينفذون القانون ويحمون المجتمع من الفوضى بشعارات وطنية من الغوغاء فقط لابتزازهم نفسيا وإحراجهم...أمام كاميرات غدت تلقنهم القول كما يلقن المحتضر الشهادة...
أليس عيبا ان ترفع الشعارات وصور الملك ويردد عاش الملك على باب مؤسسة وفي وجه مدير لا حول له ولا قوة في قضية هي أكبر منه كإضافة حجران دراسية...؟
أليس عيبا أن يرفع الشعار نفسه في وجه ممرض مغلوب على أمره لا دواء عنده ولا وسائل وفي وجه طبيب لا يملك غير سماعته الطبية...؟
لا نريد منطق الغوغاء...
على منفذي القانون ألا تخيفهم شعارات الابتزاز النفسي...
طبقوا القانون.... وليذهبوا للجحيم...
من يقول عاش الملك حق قولها...
لا يظلم....لا يبطش... لا يسرق.... لا يحتل فضاء عموميا... لا يتاجر في المخدرات .... لا يغتصب... لا يقتل... لا يسب ... لا يرمي الناس بما ليس فيهم... لا يجور.... ولا يقبل رشوة...ولا يفسد.... ولا يبغي.... ولا يطلب من الدولة ما ليس له... ولا يبتزها بباطل يزينه بشعار يمتح من الوطنية أو نحيب يمتح من محجم الضحية فيبدو حقا.... وهو باطل مهما صاحوا" عاش الملك"
عاش الملك تعني... حقا لا يلتبس... وغير قابل للتأويل...
من يرفعه عليه ألا يكون جلادا في ثوب الضحية...
ألا ينشر الفوضى... ولا الخوف ولا الرعب...ألا يخن الأمانة... ألا يعيث فسادا في الأرض....
ألا يحتل ملكا عموميا.. ولا يفتح باب ولا نافذة ولا يبني ولو جدارا بدون وجه حق..
لا يتمرد على حكم قضائي...ويريد تحويل القضاء إلى مجرد كلام على الورق...
لا يجرم في حق المجتمع... وفي حق الأصول والأقارب...
فكفى ابتزازا نفسيا بصور الملك... ويافطات تكرس التهرب من القانون... بلعب دور الضحية...
 
خالد أخازي، روائي وإعلامي مستقل