أحمد بومعيز: كيف نقرأ الحكم الاستئنافي في قضية فتاة تيفلت

أحمد بومعيز: كيف نقرأ الحكم الاستئنافي في قضية فتاة تيفلت أحمد بومعيز
وأخيرا صدر الحكم الاستئنافي في قضية ما بات يعرف طفلة تيفلت في واقعة و جريمة اغتصابها من  قبل ثلاثة أشخاص. المحكمة قضت بما قدره 40 سنة سجنا نافذا في حق المجرمين الثلاثة، كان نصيب المتهم الرئيسي فيها نصف المدة ،والنصف الثاني موزع بالتساوي على الإثنين الآخرين .
وفي ذات القضية، سبق أن أدين المتهمون إبتدائيا، بأقل من سنتين للمتهم الرئيسي،و18 شهرا للآخرين .
القضية نفسها وهي بالذات ،تتبعها الرأي العام الوطني ،ووسائط التواصل الاجتماعي ، وجمعيات المجتمع المدني،والهيئات الحقوقية بشكل ملفت،وتم انتقاد الحكم الذي اعتبر مهزلة وإهانة بكل المقاييس..
والآن ،وبعد صدور الحكم الاستئنافي الجديد ،ومحاولة رد الاعتبار للضحية من خلال تشديد العقوبة وفق ما يطرحه القانون في شأن جريمة الاغتصاب وتكييفها حسب  ذلك ،وبعد مقارنة أرقام أو أعداد أو سنوات أو شهور أو أيام ،الحكم الابتدائي وما قابله في الحكم الاستئنافي!!!؟؟ 
يبدو فعلا وجليا أن في الأمر شيء غير سليم بالمرة .وأن أسئلة موجبة ومحيرة ومستفزة يجب طرحها الآن ، لمحاصرة القضية وتداعياتها ،في ارتباط مع واقع القضاء والعدالة في الوطن ..
فمن أين نقارن بين أقل من سنتين سجنا نافذا ، وعشرين سنة بالنسبة المتهم الأول!!؟؟
ومن أين نقارن بين 18 شهرا ،و10 سنوات،بانسبة المتهمين الآخرين !!؟؟ 
ومن أين نقارن بين ما مجموعه 40 سنة سجنا نافذا،وأقل من 5 سنوات إبتدائيا!!؟؟
لا مجال ولا منطق حتى في المقارنة هنا بين الأرقام ..أو نقول فعلا، لامقارنة مع وجود الفارق !!
لكن ، وأيضا ،هذا في حد ذاته مؤشر و عنصر أساس لضرورة المقارنة هنا والآن بين وضعيتي حالة الحكم والتقاضي في نفس القضية: 
وضعية التقاضي إبتدائيا والحكم الذي صدر .
ووضعية التقاضي استئنافيا والحكم الذي صدر .
و بينهما الفرق المهول في العقوبة .
وبين الوضعيتين والحكمين ،كان الاحتجاج،وكان الفايسبوك،وكان الترافع ،وكانت الشوهة المعلنة من خلال الحكم الابتدائي،وكان الاحتقان ،وكانت المحاكمة المهزلة . 
وبعد صدور الحكم الاستئنافي الجديد ،وبعد اعتراف المحكمة ضمنيا بمهزلة هزالة الحكم الابتدائي ،
كيف نقرأ الأرقام ؟؟!! 
وكيف نقرأ الأحكام ؟؟!! وكيف نقرأ مسار التقاضي في محاكم الوطن ؟؟!! وكيف نقرأ مصير الأضناء في كل القضايا والمتابعات الأخرى ؟؟!!
فهل كان الحكم الاستئنافي سيكون كما هو الآن ،لو لم يتحرك الرأي العام والشارع والهيئات والإعلام ؟؟!!
وهل من المنطقي ومن العدل في شيء ،ما صدر كعقوبة، وكحكم ابتدائي؟؟!! 
وهل يرى المتتبعون والمسؤولون والرأي العام، أن  الفرق والفارق بين المحكمين لا يستحق التتبع والمتابعة وتوضيح المسؤولية  !!؟؟ 
وهل يتم فعلا ،وفي جل القضايا ،الوقوف على كل هذا الفرق والفارق بين درجات  العقوبات، من المستوى الابتدائي إلى الاستئنافي في التقاضي؟؟!! 
وهل يجب على الرأي العام أن يتتبع كل قضايا المحاكم حتى يعدل الحكم ويكيف وفق الجريمة .
وهل عدل الحكم الاستئنافي نظرا للقرائن أم لضغط الشارع والهيئات ؟؟!! 
وما موقف من قضى إبتدائيا في ذات القضية،وما دفوعاته ، جدلا ،الآن إن سئل ؟؟!!
فما سبب وما تبرير وما حيثيات هذا الفرق المهول في أرقام العقوبة ،وفي نفس القضية؟؟
وهل نقول أن فتيات أخريات ،أو فتيان ،أو متقاضين ومتقاضيات وأضناء وضنينات...كن وكانوا ذات يوم ،وقد يكونوا يوما ، في نفس وضعية فتاة تيفلت ابتدائيا ...وربما لم يجدوا،أو قد لا يجدوا سبيلا، لإعادة ترتيب الملف، وإعادة أرقام وقيمة العقوبة، والنطق بحكم يتناسب مع حجم الجريمة..في محاكمة محتملة استئنافيا...
فآآه يا وطن ..ويا قضاء ويا محاكم الوطن ...!! 
كم فيك من فتاة تيفلت؟!!! لا زالت تنتظر تعديل حكم جائر،وإعادة النطق بعقوبة تليق وتناسب الحد الادنى..؟؟!!
الحد الأدنى ...لنزاهة التقاضي والعدل المفترض!!؟؟ .