لم يكن ختام عطلة الأنصاري رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب مسكا، ففي أول يوم من عودته يصدر بلاغا يعتزم فيه عقد ندوة صحفية يوم 9 في شهر9 بدار المحامي بالرباط لكشف "تجميد" وزير العدل للحوار، مهددا ب"أشكال نضالية" حجز طبيعتها للمداولة إلى اليوم المعلوم...
لعل استهلال بلاغ الأنصاري يبعث على الشفقة و"تقطاع القلب"، فالأنصاري أورد أنه اتصل بوهبي مثنى وثلاثا ورباع وظل هاتف وهبي يرن بلا جواب، وأتخيل وهبي ينظر لهاتفه وهو يرن فيرميه جانبا ويقول"هاد بنادم آش بغا عاوتاني" يقولها بلكنته المراكشية، ثم إن الأنصاري يرسل إلى وهبي كتابا مسطورا، "باش يدير عليه الحجة والبيان"، فيتجاهله وهبي كما تتجاهل المراهقة متيما بها، ثم يستنجد الأنصاري برئيس الحكومة، وطبعا إذا التقى رئيسان فاحذف ما سبق، فيحذف رئيس الحكومة رئيس الجمعية ولا يجيبه، وأتصور أن وهبي هاتف أخنوش وقال له بنفس اللكنة "متجاوبش داك بنادم"، أحد الظرفاء أسر لي أنه كان على رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب الاستعانة بالوسيط كي يتوسط له لدى وزير العدل الذي يرفع الأمر إلى رئيس الحكومة الذي يجمعهما على مائدة "الخطاب التشاركي"، مثلما فعل الثلاثة يوم أغرقوا المحاماة في الامتحان المعاد ضدا في القانون...
لماذا صم الكل الآذان على اتصالات رئيس الجمعية؟ فالرجل ليس شريرا ولا ممانعا ولا مغضوبا عليه، بل هو "ديالهم" ومنهم وإليهم، وإن لم تشفع له رئاسة الجمعية، فحري بقبعته السياسية ذلك، فحزبه جزء من العدوان الثلاثي عفوا التحالف الثلاثي الحكومي...
ما أجحد السياسيين، تناسوا خدمات الرجل يوم ترك المحامين وربهم يقاتلون في الساحات ضد الحكومة بضرائبها، وأفتى بوجوب السمع والطاعة، و لم يستنكر أو يستهجن أو يندد، بل "عفط مع العافطين" على جروح المحامين وهو منهم، تماما كما فعل يهوذا الاسخريوطي مع عيسى عليه السلام يوم قدمه لليهود وهو من تلامذته، والعهدة على ما ورد في بعض الأناجيل التي اختلفت في مصير يهوذا الاسخريوطي...
هل للأمر صلة برائحة انتخابات يريد الأنصاري أن يبيض فيها وجهه، ويريد وهبي وكبيره أخنوش حرمانه من الركوب عليهما؟ هل للأمر علاقة بتداعيات اتفاق سري لم تنضج فيه صفقة، وما أكثر الاتفاقات السرية بين الطرفين وما أكثر صفقاتهم التي تحدث عنها وهبي بالفم المليان؟ أم هل بلاغ الأنصاري وندوته هما مجرد سيناريو لتيسير مهمة وهبي في تمرير مشاريع القوانين من مسطرة مدنية إلى قانون المحاماة ثم القانون الجنائي، في إطار تقاسم الأدوار؟ أم هو جفاء عاكس لتصدع حكومي مالت فيه الحمامة للجرار ضدا في الميزان؟...
على حد العلم لم يكن هناك حوار قبلي حتى يجري الحديث عن "تجميده"، وإن كان من حوار فهو من "باب تفراق اللغا والصواب"، لأن "اللي في راس وهبي في راس وهبي"، وطبعا "اللي معجبو حال المغرب فيه جوج بحور، ماشي عا الدستور"...
أتنبأ بندوة الأنصاري الصحافية وشكله النضالي الذي يتوعدهم به، وأراه لن يخرج على الدعوة للإبقاء على مجلس الجمعية في حالة انعقاد دائم، والدعوة لرص الصفوف خلف الجمعية، والاستعداد للتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد مهنة المحاماة... مع لازمة (عاشت المحاماة حرة مستقلة)، وتوقيع وتوتة توتة خِلْصِتْ الحدوثة...ورفعت الندوة...