كنت دوما ضد من يحمل القواعد - و نخص بالذكر هنا القواعد التعليمية - مسؤولية التراجعات التي يعرفها الحقل التعليمي ، كنت و لازلت ضد تلك الخرجات للقيادات النقابية التعليمية التي تبرر البؤس الذي وصل إليه القطاع للقواعد ، كنت ولازلت ضد التبريرات التي تعطيها القيادات لتنازلاتها بتخلي القواعد عن العمل النضالي ، واليوم أثبتت القواعد التعليمية صحة موقفي !! القواعد موجودة ومستعدة دوما للنضال و الكفاح ، ومعاركها اليوم خير دليل على ذلك ،القواعد فقط تحتاج لثلاثة شروط ؛ متى ما توفرت هذه الشروط الثلاثة تجدها في قلب المعركة مناضلة ، مضحية ، ثابتة ، و متى ما غابت هذه الشروط عادت القواعد لحالة السكينة ، في انتظار تحققها ، والشروط الثلاثة هي :
⁃ الشرط الأول : الوضوح : وضوح المطالب ، وضوح الخط النضالي وضوح سير المعركة ، وهذا الشرط حاضر اليوم، فيما غيبته النقابات، وهي توقع بيديها على سرية الحوار ، ولم تكتف بالتوقيع بل عملت على تفعيل هذه السرية ، فغيبت القواعد عن كل ما دار ويدور في كواليس ومطابخ الجلسات التي امتدت لشهور، وتجاوز عددها العشرات من اللقاءات ، و زادها غموضا تلك البلاغات ذات اللغة الخشبية التي لم تكن تقول شيئا ، وهو الأمر الذي تحاول اليوم التنسيقيات تجاوزه عبر طرحها لمطالب واضحة و متفق عليها.
⁃ الشرط الثاني : الديمقراطية : ديمقراطية التسيير ، وديمقراطية القرار ، فالنقابات غيبت داخلها مبدأ الديمقراطية الداخلية ، ومع تغييبها للديمقراطية الداخلية، غابت معه ديمقراطية اتخاذ القرار ، فأصبحنا أمام" بدعة" تفويض القرارات ، المؤتمرات تفوض قراراها للمجالس الوطنية، وهذه تفوض قراراتها للمكاتب الوطنية ،و هذه تفوض بدورها قراراتها للكتاب الوطنيين ٠أن الكاتب الوطني بيده الحل و العقد ، وغاب مبدأ الإشراك ،وأصبح القرار يأتي من الفوق إلى الأسفل ، من القيادة إلى القواعد ، فابتعدت القواعد نتيجة إبعادها عن القرار ، وهذا ما تحاول اليوم التنسيقيات تجاوزه هو الآخر، وها نحن نرى الجموعات العامة في المؤسسات التعليمية والنقاشات التي تخوضها خلال فترة الاعتصامات ، وكيف يشارك الجميع في اتخاذ القرار،عبر نقل رأي المؤسسة التعليمية إلى التنسيقيات الإقليمية عبر ممثلي المؤسسات، ثم نقل القرار للمجالس الوطنية المكونة من ممثلي الأقاليم،وهكذا أحست القواعد بأن رأيها مسموع ،وبأنها مشاركة و مساهمة في اتخاذ القرارات ، فانخرطت بالتالي و بشكل واسع في المعارك النضالية التي اقترحتها ، و شاركت في صياغتها
⁃ الشرط الثالث : القيادة الآمنة والمناضلة : القواعد التعليمية فقدت ثقتها في قياداتها النقابية ، فقدان هذه الثقة راجع أساسا لمجموعة من العوامل أهمها : غياب الديمقراطية ، ديمقراطية انتخاب هذه القيادات ، التكتم الذي تمارسه هذه القيادات ، حضور القيادة الفردية الذاتية ، غيابها عن الساحات النضالية ، غيابها عن ساحات التعليم بسبب طول مدة، وزمن تفرغاتها تلك التفرغات التي امتدت و تمتد لعقود .
وتخلي هذه القيادات عن الخيار النضالي ، خاصة بعد توقيعها على اتفاق 18 يناير، و ما حمله في طياته من توافق حول ما سمي بالسلم الإجتماعي داخل قطاع التعليم ، وهذا الأمر هو الآخر حاولت التنسيقيات تجاوزه عبر اعتماد القيادة الجماعية ، و الحضور الدائم للقيادات في ساحات المعارك ، فعادت الثقة لهذه القيادة.
واليوم، وبعد تحقق هذه الشروط ! و بنسبة كبيرة عادت القواعد لميدان المعركة ،بروح نضالية مرتفعة ، وبحماس كبير، و بإيمان قوي في تحقيق النصر و تحقيق مطالبها العادلة والمشروعة ، وأظهرت بهتان حديث نقاباتنا عن ابتعاد القواعد النضال و تخليها عن حقوقها واستكانتها للأمر الواقع ، و أثبتت أن الخلل هناك في القيادة ، لا هنا في القواعد .
فتحية عالية لأسرة التعليم بكل فئاتها ، تحية عالية لنضالاتها و تضحياتها ، تحية عالية لتماسكها و لوحدة كلمتها ، وأكيد أن نصرها قريب .. قريب جدا