فإذا كان الأستاذ الجامعي ضميرا للأمة بالبحث العلمي، فان المثقف هو مبدع الحلول والتغيير، وراسم طرق التنوير ومساير ة ركب الحضارة، لبلوغ نظام اجتماعي أفضل ونظام أكثر إنسانية وأكثر عقلانية، والانتصار لعالم يعانق فيه الإنسان إنسانيته، وبدونه يصبح المثقف كائنا بدون هوية.
المثقف صرخة ضد الظلم والبربرية ولحظة انتصار للتحرر والعدالة والديمقراطية رغم الاغتراب ومرارة الواقع وقسوته.
المثقف رسالة يوضح ويدين من خلالها الكارثة الإنسانية والبربرية، لأن ما يقع في غزة أكثر من مجرد اشتباك بين الفلسطينيين المدافعين عن أرضهم ضد مستعمر غاصب وقاتل ومجرم. بل ما يقع في غزة يسائل إنسانية الانسان، ويسائل بشاعة الصوة والوثيقة والذاكرة ، لأنه انتهاك للقيم الإنسانية والأخلاقية وخرق للحضارة و دوس على إنسانية الإنسان أمام صمت القوى الداعمة للصهيونية المتبجحة بالحداثة و الديمقراطية، وامام انهيار النقد والتفكيك.
إن ما يقع في غزة من صمت جبان امام جبروت القوة الاستعمارية و وحشيتها وأمام الآلة الإعلامية الداعمة للهمجية الصهيونية التي تحرق المبادئ والقيم وتدافع عن العار الأبدي والبربرية.
امام ما تعيشه غزة الصمود، غزة العزة، غزة المقاومة، غزة التاريخ، غزة التاريخ والحضارة، عزة جريحة الجمال والانسانية، غزة الحرية والعدالة، غزة صرخة لتحرير الإنسانية من فصامتاها ولعنتها المستلبة.
العلماء يتحاشون الكلام عن الحقيقة المطلقة لأنها مشحونة بالأوهام ، فالمطلوب ليس خطاب الحقيقة ، بل خطاب الانسجام والاصالة والصدق : فلا سلام بدون حرية ، ولا سلام بدون عدالة ، ولا سلام بدون حقيقة إ لان الاستعمار يعادي الحرية والعدالة والحقيقة .