أصبحت أسعار جميع المواد الاستهلاكية تعرف ارتفاعات غير مسبوقة وفي مقدمتها أسعار المحروقات. فالأثمان التي أصبحت صاروخية، تكتوي بنارها الطبقة الفقيرة، وامتدت إلى الطبقة المتوسطة التي أصبحت عاجزة عن مسايرة هذا الغلاء. وإنه بالرغم من أن المغرب بعتبر من الدول المنتجة للخضر والفواكه والأسماك ويحقق اكتفاء ذاتيا بل ومن المصدرين لهذه المنتجات. فإن ارتفاع الأسعار لهذه المواد يطرح أكثر من تساؤل:
1-ما هي أسباب هذا الارتفاع غير المسبوق في أسعار أغلب المنتجات الغذائية؛ إلى جانب تزايد ارتفاع سعر المحروقات؟
2-ما هي الفائدة من الدعم الذي يستفيد منها أرباب النقل للمحافظة على استقرار الأسعار؟
وهكذا بالنسبة للسؤال الاول المتعلق بالأسباب التي أدت إلى استمرار ارتفاع الأسعار حتى في المواد التي لا علاقة لها بسعر المحروقات، فإن ذلك راجع بالأساس إلى السبات الحكومي وضعف أداء عناصرها الذين تغيب عنهم عملية التتبع والتقويم اليومي لأسعار المواد والتصدي إلى مظاهر الاحتكار وإلى الأشخاص الذين يستغلون الظرفية للاغتناء غير المشروع، شأنهم في ذلك شأن أغنياء الجفاف وأغنياء الحروب. وذلك بفرض أسعار غير معقولة تحت ذريعة الظرفية والزيادة في كل شيء، حتى أصبحت عبارة "كل شي ادزاد فيه 'لازمة لكل حرفي أومهني أو بائع مواد غذائية أو خضر أو غيرها ودون مبرر لبعض الأسعار وهوما يدل على ان الحكومة والبرلمان معا غائبون عما يجري في الواقع ولا يقوم كل واحد حسب مهامه الدستورية بما يلزم من مراقبة ومساءلة ومحاسبة كي تستقيم الأمور حماية للمواطن والمواطنة من جشع بعض الشركات وبعض المزودين.
أما السبب الثاني فيتجلى في القطاع غير المهيكل الذي أصبح ظاهرة بنيوية يستعصي حلها مما يتطلب الحنكة والحكامة لمحاربة هذه الظاهرة التي تشكل بطالة مقنعة تخفي وراءها الاستغلال من طرف المسؤولين عن الشأن المحلي من منتخبين وسلطات ومن وراءها يحققون مكاسب مالية هامة، والتغاضي عن هذه الظاهرة إنما هو هروب إلى الأمام. وجريمة اقتصادية ومالية في حق الشعب المغربي واستقراره وتنميته، وهي سبب رئيسي في تعطيل وتيرة نموه.
أما بخصوص السؤال الثاني حول ما تقدمه الدولة من دعم لأرباب النقل، فبشكل عام لم تظهر فوائده على أرض الواقع بالنسبة لاستقرار الأسعار، ولو في جزء منها، لأن الحكومة لا تقوم بواجبها من حماية المال العمومي من خلال التتبع والتقويم من أجل إصلاح أي اعوجاج والردع ضمانا لحق المواطنين والمواطنات في الحياة الكريمة.