lundi 9 juin 2025
كتاب الرأي

المهدي الفقير: هناك مدخلان لتفسير ما يقع من غلاء الأسعار وهذا ما ينبغي فعله

المهدي الفقير: هناك مدخلان لتفسير ما يقع من غلاء الأسعار وهذا ما ينبغي فعله المهدي الفقير
هناك‭ ‬مدخلان‭ ‬لتفسير‭ ‬ما‭ ‬يقع‭. ‬الأول‭ ‬ارتفاع‭ ‬كلفة‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬وحديثنا‭ ‬بالأساس‭ ‬عن‭ ‬مواد‭ ‬المحروقات‭ ‬وربما‭ ‬كلفة‭ ‬الإستيراد،‭ ‬والثاني‭ ‬المواد‭ ‬الخام،‭ ‬يشكلان‮ ‬‭ ‬عاملا‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فيؤديان‭ ‬بالمحصلة‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‮ ‬‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتوزيع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الفاعل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يعمدون‭ ‬إلى‭ ‬توجيه‭ ‬الارتفاع‭ ‬وتطبيقه‭ ‬على‭ ‬الأرسعار،‭ ‬وترتفع‮ ‬‭ ‬الأسعار‭ ‬بارتفاع‭ ‬الكلف،‭ ‬فقلما‭ ‬نجد‭ ‬فاعلين‭ ‬اقتصاديين‭ ‬يعمدون‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬هامش‭ ‬الربح،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قانون‭ ‬للعرض‭ ‬والطلب،‭ ‬فالطلب‭ ‬سيكون‮ ‬‭ ‬بالثمن‭ ‬الذي‭ ‬يوازيه‭ ‬العرض،‭ ‬وارتفاع‭ ‬التضخم‭ ‬بنوعيه‭. ‬فقد‭ ‬صار‭ ‬التضخم‭ ‬هيكليا‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الأسعار‭ ‬والمنظومة‭ ‬الهيكلية‭ ‬بشكل‭ ‬يشكل‭ ‬ضغطا‭ ‬على‭ ‬البنى‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار‭.‬
الحلّ‭ ‬في‭ ‬تقديري،‭ ‬في‭ ‬المدخل‭ ‬دعم‭ ‬الطفرة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬عليها‭ ‬الحكومة‭ ‬والدولة‭ ‬بتعويض‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المستوردة‭ ‬بمواد‭ ‬محلية،‭ ‬وهذا‭ ‬دعم‭ ‬للإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬ودعم‭ ‬للاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬المحلي،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬كلف‭ ‬الإنتاج‭ ‬يتم‭ ‬التحكم‭ ‬فيها‭ ‬محليا‭ ‬طالما‭ ‬يتم‭ ‬انتاجها‭ ‬محليا،‭ ‬وفي‭ ‬المحصل‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬وضبطها،‭ ‬خاصة‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬مما‭ ‬يستلزم‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬المحلية‭ ‬برمتها‭ ‬في‭ ‬جانبها‭ ‬الصناعي‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬وفي‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬تنويع‮ ‬‭ ‬الشركاء‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬وتنويع‭ ‬الموردين‭ ‬بالتوجه‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬جنوب‭ ‬(الإفريقية‮ ‬‭ ‬وجنوب‭ ‬أمريكا)،‭ ‬وليس‭ ‬الإكتفاء‭ ‬بالدول‭ ‬الأوربية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيسمح‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬فاعلين‭ ‬جدد‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭ ‬وبأسعار‭ ‬أكثر‭ ‬تفضيلية‭ ‬من‭ ‬الأسعار‭ ‬الحالية‭.‬
المدخل‭ ‬الثاني‭ ‬هو‮ ‬‭ ‬الرّقابة‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬التوزيع،‭ ‬لأن‭ ‬تعدّد‭ ‬الوسطاء‭ ‬واستغلال‭ ‬بعضهم‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مجحف،‭ ‬فالإشكال‭ ‬ليس‭ ‬اقتصاديا،‭ ‬وإنما‭ ‬إشكال‭ ‬الرقابة‭ ‬أيضا‭ ‬لضبط‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لاحظناه‭ ‬في‭ ‬تحرك‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭.‬
ولنكن‭ ‬صرحاء،‭ ‬الغلاء‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإحتقان‭ ‬الإجتماعي،‭ ‬‮ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬السبق‭ ‬والقفز‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاحتقان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يبرره‭ ‬طالما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬تحرك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‮ ‬‭ ‬لضبط‭ ‬الأسعار‭ ‬وتحرك‭ ‬أكبر‭ ‬للفاعلين‭ ‬الإقتصاديين‭ ‬والمجتمعيين‭ ‬لدعم‭ ‬منظومة‭ ‬الاستهلاك‭.‬‮ ‬‭ ‬فالمغرب‮ ‬‭ ‬بلد‭ ‬ينعم‭ ‬بالإستقرار‭ ‬والأمن،‭ ‬والمغاربة‭ ‬من‭ ‬ذكاءهم‭ ‬أنهم‭ ‬يعلمون‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬ازلاق‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬البلاد،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬الفاعلون‭ ‬الإقتصاديون‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يتحلّوا‭ ‬‮ ‬بالوطنية‭ ‬الإقتصادية،‭ ‬والقوى‭ ‬الحيّة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لهم‭ ‬‮ ‬مساهمة‭ ‬لرد‭ ‬الاعتبار‭ ‬لثقافة‭ ‬المواطن،‭ ‬والاعلام‭ ‬وقوى‭ ‬الوسيط‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬تفسير،‭ ‬وليس‭ ‬تبرير،‭ ‬ما‭ ‬يقع،‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬ليس‭ ‬محلي‭ ‬فالسّياق‭ ‬عام‭ ‬،‭ ‬وتصور‭ ‬البدائل‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفاعل‭ ‬الإقتصادي‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يضحوا‭ ‬ولو‭ ‬بجانب‭ ‬من‭ ‬هوامش‭ ‬الربح،‭ ‬وعلى‭ ‬قوى‭ ‬الوساطة‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬بدائل‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬بدائل‭ ‬الإستهلاك،‭ ‬والتضامن‭ ‬والتآزر‭ ‬مع‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬الدقيق،‭ ‬وضبط‭ ‬حلول‭ ‬لهذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬حدودها‭ ‬الحقيقية،‭ ‬مع‭ ‬الضرب‭ ‬بيد‭ ‬من‭ ‬حديد‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المضاربين‭ ‬والمحتكرين‭ ‬والوسطاء‭ ‬الذين‭ ‬يستغلون‭ ‬هاته‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الارتفاع‭ ‬غير‭ ‬المبرّر‭ ‬للأسعار‭.‬
وعلى‭ ‬المدى‭ ‬المتوسط‭ ‬والبعيد،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬الإصلاحات‭ ‬بتعويض‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬محليا،‭ ‬والدفع‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬تغيير‭ ‬منظومة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وكذا‭ ‬منظومة‭ ‬القيم،‭ ‬إذ‭ ‬على‭ ‬الفاعل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أن‭ ‬دوره‭ ‬تقليدي‭ ‬في‭ ‬الربح‭ ‬المادي،‭ ‬وإنما‭ ‬دعم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الوطني،‭ ‬والتموقع‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التي‮ ‬‭ ‬تستدعي‭ ‬ذلك‭.‬
 
المهدي الفقير/خبير اقتصادي