lundi 5 mai 2025
فن وثقافة

المرزوقي: الصحافي عبد المجيد بن الطاهر عنوان تخصص إعلامي فريد

المرزوقي: الصحافي عبد المجيد بن الطاهر عنوان تخصص إعلامي فريد بن يونس المرزوقي (يسارا) والزميل عبد المجيد بن الطاهر
عقب إحالة الزميل عبد المجيد بن الطاهر على التقاعد بعد أن بصم مساره المهني بأسبوعية "الوطن الآن" وموقع "أنفاس بريس"، بالإشراقات، أبى الأستاذ بن يونس المرزوقي، باحث في كلية الحقوق بوجدة، إلا أن يحتفي بالزميل بن الطاهر في هذه الورقة التي رسم فيها بن يونس المرزوقي بورتريه صادق للزميل بن الطاهر:

 
عبد المجيد بن الطاهر.. مسار حافل بالتحديات.. وبالقدرة على الانتصار على الصعوبات.. هادئ في طبعه.. أنيق في نقاشه.. محترف في عمله.. عميق في تحليله.. طيب في أخلاقه..
واكبت مساره منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي..
مسار أعرضه عليكم/ن في خمس نقط.. مسار التحديات (أولا)، هَمُّ الإعْلام الاحترافي (ثانيا)، تخصص إعلامي فريد (ثالثا)، رِبْحُ رهان الإعلام الورقي.. والإلكتروني (رابعا)، وتحديات الحياة العائلية (خامسا):
 
أولا: مسار التحديات
لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الصدفة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تلميذا‭ ‬نبيها‭.. ‬مجتهدا‭.. ‬ومتميزا‭..‬
بدأ‭ ‬حياته‭ ‬بأكبر‭ ‬تحدٍ‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬يواجه‭ ‬الإنسان‭.. ‬الرجوع‭ ‬للدراسة‭.. ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬الباكالوريا‭.. ‬ثم‭ ‬الإجازة‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬الحديث‭ ‬(المسرح)‭.‬
لقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬من‭ ‬التحقوا‭ ‬بــ‭ ‬(جمعية‭ ‬العمل)‭ ‬الثقافي‭ ‬بوجدة‭.. ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭..‬
كان‭ ‬ذلك‭ ‬مغامرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جو‭ ‬سياسي‭ ‬يُنذر‭ ‬باقتراب‭ ‬خروج‭ ‬تيار‭ ‬23‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬السري‭ ‬للعمل‭ ‬العلني‭ ‬المشروع‭.. ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬"منظمة‭ ‬العمل"‭..‬
أحسست‭ ‬لاحقا‭.. ‬وبسرعة‭.. ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يُدرك‭ ‬نتائج‭ ‬اختياره‭..‬
كانت‭ ‬دراسته‭ ‬الجامعية‭ ‬تُؤكد‭ ‬فقط‭ ‬نباهته‭.. ‬حضور‭ ‬منتظم‭ ‬للدروس‭.. ‬تواجد‭ ‬دائم‭ ‬في‭  ‬قلب‭ ‬الحركة‭ ‬الطلابية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬اشتغالها‭.. ‬متابعة‭ ‬دقيقة‭ ‬للوضع‭ ‬السياسي‭ ‬ببلادنا‭.. ‬وبالصراع‭ ‬الدولي‭ ‬بين‭ ‬القطب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬والقطب‭ ‬الرأسمالي‭..‬
مسايرة‭ ‬كل‭ ‬الأوضاع‭.. ‬سياسيا‭.. ‬نقابيا‭.. ‬وجمعويا‭..‬
وكان‭ ‬لصدور‭ ‬جريدة‭ ‬(أنوال)‭ ‬تأثيرها‭ ‬البالغ‭ ‬عليه‭..‬
أصبحت‭ ‬مُتابعة‭ ‬الجريدة‭ ‬طقسا‭ ‬إضافيا‭ ‬يغزو‭ ‬كل‭ ‬أوقاته‭..‬
تابع‭ ‬الجريدة‭ ‬من‭ ‬صيغتها‭ ‬الشهرية‭ ‬لغاية‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬جريدة‭ ‬يومية‭..‬
 
ثانيا: هَمُّ الإعْلام الاحترافي
استهوته‭ ‬مهنة‭ ‬الصحافة‭.. ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬مسألة‭ ‬عادية‭ ‬لشاب‭ ‬يحب‭ ‬مواجهة‭ ‬المصاعب‭..‬
ربح‭ ‬التحدي‭.. ‬تحولت‭ ‬مراسلاته‭ ‬الغير‭ ‬منتظمة‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬السهر‭ ‬بانتظام‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬أكبر‭ ‬جريدة‭ ‬جهوية‭.. ‬وأوسعها‭ ‬انتشارا‭.. ‬جريدة‭ ‬(الشرق)‭ ‬التي‭ ‬أبدع‭ ‬في‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬التحرير‭ ‬بجانب‭ ‬كتاباته‭ ‬المتنوعة‭ ‬من‭ ‬مقالات‭ ‬وتحقيقات‭..‬
وكانت‭ ‬له‭ ‬أيضا‭ ‬مشروعه‭ ‬الإعلامي‭.. ‬(الحدود‭ ‬المغربية)‭..‬
لم‭ ‬تكن‭ ‬العملية‭ ‬سهلة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭.. ‬صعوبات‭ ‬في‭ ‬الرقن‭.. ‬وفي‭ ‬التصفيف‭.. ‬وفي‭ ‬الإخراج‭.. ‬وفي‭ ‬اختيار‭ ‬الصور‭.. ‬وأساسا‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬العناوين‭..‬
 
ثالثا: تخصص إعلامي فريد
كان‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬بن‭ ‬الطاهر‭.. ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬لحد‭ ‬الساعة‭.. ‬مبدعا‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬العناوين‭ ‬الصحفية‭.. ‬بل‭ ‬أقول‭ ‬فنانا‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭..‬
ليست‭ ‬عملية‭ ‬صياغة‭ ‬العناوين‭ ‬مسألة‭ ‬روتينية‭ ‬لديه‭.. ‬ولكن‭ ‬مسألة‭ ‬مركبة‭.. ‬زاوج‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬فيها‭ ‬بين‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬مضمون‭ ‬المقال‭ ‬المراد‭ ‬نشره‭.. ‬وبين‭ ‬إثارة‭ ‬القارئ‭.. ‬لكن‭.. ‬دون‭ ‬مبالغة‭ ‬تميل‭ ‬بالعنوان‭ ‬إلى‭ ‬الاستفزاز‭.. ‬ودون‭ ‬تهاون‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬حتى‭ ‬يتحول‭ ‬العنوان‭ ‬لسرد‭ ‬المضمون‭..‬
نجح‭ ‬بامتياز‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬العناوين‭.. ‬وما‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬اكتشف‭ ‬ذلك‭ ‬لولا‭ ‬أنني‭ ‬لاحظت‭ ‬ذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمقالاتي‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أرسلها‭ ‬له‭.. ‬وكنت‭ ‬ولا‭ ‬زلت‭ ‬أجد‭ ‬متعة‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬العنوان‭ ‬الذي‭ ‬سيختاره‭ ‬لأي‭ ‬مقال‭ ‬أرسله‭ ‬له‭ ‬قصد‭ ‬النشر‭..‬
أتذكر‭ ‬جيدا‭ ‬حالة‭ ‬الصحفية‭ ‬الصاعدة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الألفية‭ ‬التي‭ ‬أرسلت‭ ‬مقالا‭ ‬للنشر‭ ‬حول‭ ‬عملية‭ ‬القنص‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الصقر‭.. ‬وتحدثت‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬مواطني‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬والمتحدة‭ ‬وتحركاتهم‭ ‬بالمنطقة‭ ‬التي‭ ‬تقطنها‭.. ‬كان‭ ‬للمقال‭ ‬عنوان‭ ‬عادي‭.. ‬حوله‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬لعنوان‭ ‬صحفي‭ ‬أحدث‭ ‬الرعب‭ ‬لدى‭ ‬الصحفية‭ ‬الناشئة‭ ‬آنذاك‭.. ‬(بوعرفة)‭ ‬الإمارة‭ ‬الثامنة‭.. ‬هل‭ ‬باع‭ ‬المغرب‭ ‬منطقة‭ ‬تندرارة‭ ‬للإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة؟»‭..‬
قدرة‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬بن‭ ‬الطاهر‭ ‬على‭ ‬التأقلم‭ ‬جعلته‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬من‭ ‬أدركوا‭ ‬أهمية‭ ‬التطور‭ ‬للتكنولوجي‭.. ‬واكب‭ ‬الآلة‭ ‬الطابعة‭ ‬الميكانيكية‭.. ‬ثم‭ ‬الكهربائية‭.. ‬ثم‭ ‬الأجيال‭ ‬الأولى‭ ‬للحواسيب‭ ‬الشخصية‭.. ‬لغاية‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭..‬
لذا‭.. ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬من‭ ‬الإعلام‭ ‬الورقي‭ ‬إلى‭ ‬الإعلام‭ ‬الإلكتروني‭.. ‬وأن‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.. ‬كالعادة‭..‬
 
رابعا: رِبْحُ رهان الإعلام الورقي.. والإلكتروني
رحلة‭ ‬موفقة‭.. ‬قادته‭ ‬من‭ ‬(الشرق)‭ ‬إلى‭ ‬(الوطن‭ ‬الآن)‭.. ‬عبر‭ ‬(الحدود‭ ‬المغربية)‭..‬
رحلة‭ ‬لم‭ ‬تزده‭ ‬إلا‭ ‬إصرارا‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الاحترافي‭.. ‬بل‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬أساس‭ ‬نجاحه‭..‬
لم‭ ‬يتورط‭ ‬بتاتا‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬إشاعة‭.. ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬ابتزاز‭.. ‬ولا‭ ‬(الانتقام)‭ ‬من‭ ‬مسؤول‭ ‬ما‭.. ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬مدح‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭.. ‬ولا‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يُواجه‭ ‬أي‭ ‬اصطدام‭ ‬إداري‭ ‬أو‭ ‬قضائي‭.. ‬وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬الثناء‭ ‬على‭ ‬عمله‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسؤولين‭ ‬الذين‭ ‬ينتقدهم‭.. ‬لأنه‭ ‬ببساطة‭ ‬لا‭ ‬يلتمس‭ ‬منهم‭ ‬(جزاءً‭ ‬ولا‭ ‬شُكُورا)‭.. ‬وبالواضح‭ ‬يُقدرون‭ ‬عمله‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يطلب‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬مقابله‭..‬
كما‭ ‬أن‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التأقلم‭ ‬وتطوير‭ ‬الذات‭ ‬جعلته‭ ‬يندمج‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الرقمي‭ ‬بسرعة‭.. ‬فأصبح‭ ‬يعمل‭ ‬بالموازاة‭ ‬مع‭ ‬(الوطن‭ ‬الآن)‭ ‬الورقية‭.. ‬وفي‭ ‬(أنفاس‭ ‬بريس)‭ ‬الإلكترونية‭..‬
وكان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬يُقدره‭ ‬أحد‭ ‬أعمدة‭ ‬الإعلام‭ ‬ببلادنا‭.. ‬وأن‭ ‬يثق‭ ‬فيه‭.. ‬عبد‭ ‬الرحيم‭ ‬أريري‭..‬
انتقال‭ ‬تم‭ ‬بسلاسة‭.. ‬ودون‭ ‬صعوبات‭.. ‬حدس‭ ‬أريري‭ ‬لا‭ ‬يُخطئ‭.. ‬وكفاءة‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬أهلته‭ ‬لذلك‭..‬
 
خامسا: تحديات الحياة العائلية
كان‭ ‬للمرحوم‭ ‬والده‭ ‬تأثير‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬مساره‭.. ‬لذلك‭ ‬أصبح‭ ‬رب‭ ‬أسرة‭ ‬مثالي‭..‬
ورث‭ ‬عنه‭ ‬الشجاعة‭.. ‬فمن‭ ‬كان‭ ‬يجرأ‭ ‬لحضور‭ ‬تظاهرات‭ ‬مطلبية‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬التوقيفات‭ ‬لأسباب‭ ‬نقابية‭..‬
ورث‭ ‬عنه‭ ‬الوفاء‭.. ‬فكان‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬وفيا‭.. ‬لأسرته‭ ‬الكبيرة‭.. ‬والصغيرة‭.. ‬ولكل‭ ‬أصدقاءه‭ ‬ومعارفه‭..‬
ورث‭ ‬عنه‭ ‬التحدي‭.. ‬وذاك‭ ‬أكبر‭ ‬تحد:‭ ‬تعليم‭ ‬الأبناء‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬متابعتهم‭ ‬للدراسة‭..‬
ابنتان‭ ‬تسيران‭ ‬في‭ ‬مشوار‭ ‬دراسي‭ ‬جيد‭.. ‬في‭ ‬تخصصات‭ ‬دقيقة‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الاقتصادية‭..‬
إحداهما‭ ‬تتابع‭ ‬دراستها‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الماستر‭.. ‬والثانية‭ ‬على‭ ‬خطاها‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬الإجازة‭..