الصديق معنينو
في شهر الغفران خيمت رائحة الموت على كثير من العائلات الصديقة، ودعت خلالها أعز أبنائها.. كانت علاقتي مع الرحلين الثلاثة مختلفة ولكنها ظلت مطبوعة بالتقدير والاحترام رغم فترات تباعدت فيها آرائنا ومواقفنا .
الحقيقة
كان عبد الله العمراني الأول في القافلة... هو صحافي من طينة خاصة صاحب تجربة واسعة. سواء عندما اشتغل في وكالة المغرب العربي للأنباء أو عند طلاقه منها وتأسيسه لمجلة «لافيريتي».. أذكر أني حاولت المحافظة على شعرة معاوية بين الجانبين، لكن فقيدنا لم يتحمل «جلبابا ضيقا» وانطلق يبحث عن «الحقيقة».. كانت له علاقات عامة واسعة رغم ذلك واجه مجموعة أزمات... تحادثنا هاتفيا، مع الأخ محمد برادة، ونحن في مدينة الداخلة وذلك أسابيع قبل وفاته... خلال المكالمة، وهو على فراش المرض ظل متفائلا ومرحاً…
الالتزام
خالد الناصري المناضل والوزير والسفير جمعتني به صداقة في لقاءات مختلفة، خاصة حين كان يزوروني باستمرار في وزارة الاتصال دون أن نتكهن معاً بأنه سيصبح وزيرا عليها... إضافة إلى ذلك كان يحضر ممثلا عن حزب التقدم والاشتراكية في بعض اجتماعات اللجنة التي كنت أرأسها والمكلفة بتوزيع حصص تدخلات الأحزاب السياسية إبان الحفلات الانتخابية... كان جديا في تدخلاته، تبدو في تقاسيمه ملامح الصدق والالتزام
عندما أصبح وزيرا للاتصال كنت من بين مهنئيه وكعادتي حكيت له عن تجربتي، وضمنت كلامي إشارات مبطنة... كلمته مرارا بعد أن دخل في نقاشات غير مجدية مع الصحافيين، مما جعله ضحية لحملات اتسمت بالمغالاة واجهها بالتحدي.. كنت أرجوه تهدئة الخطاب وتوسيع قنوات للتواصل مع أهل المهنة.... قلت له يوما... إنك وزير ولم تعد خطيبا في تجمع حزبي... كان رحمه الله ذو أخلاق عالية والتزام صادق ووطني بالسليقة.
أنيق وكريم
خليل هاشمي الإدريسي تعرفتُ عليه متأخراً عن عدد من الأصدقاء... أعجبت بطريقة تحريره عندما انتمى إلى ماروك إيبدو وأصبح بسرعة رئيسا لتحريرها ... سيشعر بقدرته على المغامرة فأسس «أوجوردوي لو ماروك» ورغم مبيعات محدودة إلا أن افتتاحياته كانت تثير الاهتمام كانت فرنسيته من مستوى أكاديمي ... كان مدافعا صلباً عن قناعاته لذلك نجده في الخطوط الأمامية للمواجهة...
تولى إدارة وكالة «لاماب» فعمل على توسيع وإغناء نشاطها... أضاف راديو ثم تلفزة ثم مجلتين... كان هدفه تأسيس قطب تواصلي قوي معتمدا في ذلك على التكنولوجيا كوسيلة للإشعاع... تألم كثيرا لمحاربة مشروعه ووضع المتاريس في طريقه... رغم ذلك واصل الرجل صموده.. احتفظ بأجمل الذكريات عن صديق يجب الحياة أنيقا وكريما في حواراته وجلساته نظم على شرفي حفلا كبيرا بمناسبة صدور العدد السادس من مذكراتي «أيام زمان.
قواسم مشتركة
هؤلاء الأصدقاء لهم عدة قواسم مشتركة... كانت قناعاتهم متباينة وآرائهم السياسية مختلفة، لكنهم كانوا وطنيين معبئين للدفاع عن ثوابت الوطن.... احتضنتهم قبيلة» الصحافة، فتبوؤوا الصدارة ومارسوا التواصل السياسي» في إطار لعبة قليلا ما تحترم قواعدها فأحرى أخلاقياتها... رغم ذلك حافظوا على نظافة النطق والكلمة فتركوا بصماتهم رغم اشتغالهم في ظروف صعبة... لقد عاركوا وصبروا وتحملوا فهم يستحقون لذلك التقدير....
إلى اللقاء أصدقائي.
