dimanche 1 juin 2025
كتاب الرأي

فؤاد زويريق: النقد والسخرية بيّن أسوأ ممثل لدينا وأسوأ ممثل لديهم

فؤاد زويريق: النقد والسخرية بيّن أسوأ ممثل لدينا وأسوأ ممثل لديهم
إذا ما انتقدنا عملا أو ممثلا أو مخرجا أو منتجا أو كاتب سيناريو حتى، فإننا ننتقد العمل نفسه أو أداء الممثل، أو رؤية المخرج ... يعني أن الأمر لا يعدو كونه انطباعا أو رأيا تبلور لديك أثناء المشاهدة وشاركته مع الآخرين، ولا يُضمِر أية ضغينة شخصية لهؤلاء، وفي نفس الوقت أنت لا تمارس الوصاية على أحد فهناك من سيتقبّل رأيك وهناك من سيرفضه، كما أنك لا تمثل مجموعة من البشر ولا مؤسسة ولا جيل ولا دولة... فأنت مجرد شخص مفرد يبدي رأيه لا غير.
لدينا في المغرب الأمر مختلف، فهم يأخذون كل رأي أو انتقاد على أنه شخصي وأنه موجه إليهم بشكل خاص رغم أنك لا تعرفهم ولم تلتق بهم أبدا، فإذا صفقت لعملهم اليوم فأنت ناقد محترم صادق، وإذا انتقدته غدا فأنت لا ناقد ولا محترم ولا صادق فأنت مجرد مدّع حاقد، هذا الاضطراب والتناقض يظهر لك بأن نخبتنا الفنية يلزمها الكثير من التربية الفنية الحقيقية المتقبلة للنقد كيفما كان حتى لو كان ساخرا، أنا لا أعمم طبعا لكن من خلال تجربتي اكتشفت بأن كثيرين هم كذلك، لن يتقبلوا رأيك إذا كان سلبيا اتجاه أعمالهم، بل قد يحاربوك ويرسلوا أتباعهم وكلابهم ليشتموك، فقط لأنك قلت رأيك، فعن أية أخلاق تتكلمون؟ وعن أي إبداع وفن تتحدثون؟ الفنان الذي يتأثر برأيٍ عابر من مُشاهد أو ناقد أو مهتم ويسفه منه، فهو ليس بفنان ولن يكون أبدا، فالفنان يتقبل كل الآراء بصدر رحب لأن الفن حرية والفنان الحقيقي ينادي بالحرية، فقد يكون أداؤك اليوم مدهش، وسنصفق له حتما وقد يكون غدا غير موفق وسننتقده سلبا، وعليك أن تتقبل هذا وذاك ما دمت قد دخلت اللعبة، فالفنان كلاعب كرة قد يكون اليوم في أحسن حالاته وغدا قد يعكس الأمر، فاللاعب لا يرد على الجمهور واحدا واحدا إذا شتمه، وبما أنك قد قبلت أن تظهر على شاشة التلفزيون وأن تكون شخصية عامة فعليك أن ترضى بما سيصيبك من الجمهور، فقد تكون سخرية لاذعة أو مدحا مستفيضا، ومهما كانت الآراء عليك تقبلها بابتسامة واحترام، وإذا ما أثرت فيك وتفاعلت معها بتشنج وغضب فاعلم أنك فنان فاشل بل انت لست فنانا أصلا فأنت مجرد متطفل، كبار الممثلين والمخرجين وغيرهم من المبدعين لا يتعاملون مع النقد بشكل سلبي فهذا سبة في حقهم وفي حق فنهم، يرحبون بكل الآراء ويستفيدون منها، طبعا هناك متحاملون ومنافسون وأعداء ولجان إلكترونية وأصحاب مصلحة... أنا لا أتكلم عن هؤلاء أنا أتكلم عن الأشخاص المعروفين والمشاهدين العاديين.
في البلاد المحترمة لا ينتقدون فقط بل خلقوا مهرجانات وجوائز خاصة بأسوأ الأعمال السينمائية والدرامية في السنة ومعها جائزة أسوأ ممثل ومخرج...الخ فعليك أن تعرف مثلا بأن بالموازاة مع توزيع جوائز الاوسكار هناك حفل اخر خاص بتوزيع جوائز التوتة الذهبية Golden Raspberry Awards أو Razzies ، وهي جوائز خاصة بأسوأ الافلام والممثلين والمخرجين وباقي الفئات الاخرى، تأسست سنة 1981 والجائزة التي يتحصل عليها ''الفائزون'' هي عبارة عن مجسم توتة مطلي باللون الذهبي قيمته أقل من خمس دولارات فقط، أما لجنة التحكيم فتتكون من أكثر من الف عضو من ستة وعشرين دولة.
من أشهر الممثلين والنجوم الذين حصلوا على جائزة أسوأ ممثل ساندرا بولوك مثلا، وميل جيبسون، وبن أفليك، وأل باتشينو، وليوناردو دي كابريو، وغيرهم، وفي آخر دورة حصل عليها توم هانكس أيضا، ترناسة من النجوم العالميين الموهوبين بحق ممثلين ومخرجين انتقد أداءهم في الكثير من الأعمال وحصلوا على جوائز باعتبارهم فنانين سيئين، وتقبلوها بصدر رحب، ويأتي مخرج أو منتج أو ممثل مغمور تافه فاشل كسول لا تعرفه سوى امه وعمته وبنت خالته ليقول لك مع كل انتقاد لأدائه البئيس بأنها مؤامرة عليه، ويتقمص دور المظلوم الذي يحاربه الكل وهو أحقر من يكون فنانا، وأحقر من أن يكون ممثلا، مجرد متطفل أفاق استولى بعلاقاته وبماله على مكان لا يستحقه.