يمكن للمجلس الأعلى للحسابات أن يعطي المزيد للوطن في مجال مراقبة سير تدبير خيرات وموارد البلاد. هذه المؤسسة الدستورية يجب أن يزيد إشعاعها الرقابي وأن تتجاوز عمليات كلاسيكية كتلك التي تقوم بها المفتشيات الحكومية وعلى رأسها المفتشية العامة للمالية. هذا المجلس ينتظر منه الكثير ولا يجب أن يظل حبيس مهام تحددها قواعد شكلية تكتفي بإحترام مساطر تهم صرف المال العام.
أما ما يتعلق بتقييم السياسات العمومية، فالأمر يحتاج إلى وسائل لا تتوفر عليها حاليا كل المؤسسات الرقابية المرتبطة بالسلطات الثلاثة التي قضى الدستور بالفصل بينها. تقييم السياسات يعني ببساطة شديدة قياس ما تم وضعه كأهداف في قطاع أو مجموعة من القطاعات وما تم تخصيصه من أموال وموارد بشرية وثروات طبيعية في مواجهة ما تم إنجازه على أرض الواقع. الأمر يقتضي إذن قياس وقول حق من طرف خبراء وليس مجرد نقاش أو كلام عام يفتقر إلى الخبرة العلمية والتقييم المهني.
لا يجب أن ننتظر من مؤسسات عليا للرقابة بعضا من الكلام المتواتر والمعروف عن إشكاليات تتعلق بالمديونية في شقها المتعلق بالخزينة أوبحجمها الذي يشمل كل مؤسسات القطاع العام. والأمر يهم كذلك، بل، ويتطلب أكثر من ملاحظة مما وصلت إليه أنظمة التقاعد من تراكم للاختلالات المالية ذات الأثر على التوازن الإجتماعي والمالي لكافة الأنظمة التقاعدية وعلى السوق المالي الوطني المرتبط بتمويل الإقتصاد وكافة مكوناته. المجلس الأعلى للحسابات مؤسسة يجب أن تركز على مراقبة بعدية لكل استعمالات المال العام. الأمر يتعلق بمداخيل وبنفقات عمومية وكل ما يحيط بها من قرارات تهم أملاك الدولة و الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية.
الأمر كبير جدا وتتجاوز أرقامه مئات الملايير من الدراهم التي تتعدى مخصصات الصفقات العمومية لتشمل كل موارد البلاد. حين اقرأ التقارير المتعلقة باحترام قواعد المحاسبة العمومية والميزاناتية، لا أجد إلا ملاحظات عادية تتعلق باختلالات شكلية. وهذا لا يقلل من شأن عمل المجلس الأعلى للحسابات. الأمر أكبر من ذاك ويتطلب تجاوزه تغيير المساطر. قاضي الحسابات لن يتمكن من الدخول إلى عمق الحسابات إذا كانت حدود مهامه لا تتيح له الولوج إلى حركات حسابات من يتعاملون مع المال العام كشركات أو أشخاص.
هناك من يتراقص فرحا حين يقرأ جملة في تقرير عن مؤسسة أوجماعة ترابية. وهناك من يصدر حكما مسبقا ويقول الكثير عن قرب تسليط سيف الرقابة على رقاب مسؤولين في قريب عاجل. من يعرف تعقد المساطر لا ينتظر شيئا من ملاحظات تحتاج إلى تكييف قضائي وإلى سنوات من التحقيق. مشكلتنا الأساسية توجد في شكلية المساطر. قد تظهر كل آثار الاغتناء السريع وغير المبرر على مدبر للشأن العام وقد تضعف أمامها كل المؤسسات. كائن حزبي قد يتحول إلى مستثمر افتراضي وينتقل من شقة فقير إلى قصر فرعوني المساحات ويظل بعيدا عن المساءلة القانونية والمؤسساتية والسياسية والمالية. حزبه يحميه وكل المساطر تحميه وحتى عتاة الكلام يحمونه ويظل الشاهد الوحيد أمام ألله على ثرواته غير الشرعية ذلك المواطن البسيط الذي يعرف الحقيقة في زمن تغييب الحقيقة.
لا أدري لماذا تم تحييد المفتشية العامة للمالية وتقليص أدوراها سنوات قليلة بعد وصول حكومة التناوب إلى تقمص دور الفاعل في التغيير. قيل أن الأمر يتطلب التكيف مع ضرورة التخفيف من ضغط المرور من مرحلة إلى أخرى. وفي الأقوال كثير من الإختلاف. وبعد ذلك تم الرفع من درجة الخطاب حول الرقابة المالية وأصبح موعد إخراج تقرير المجلس الأعلى للحسابات وقراءة خلاصاته سياسيا بامتياز. والأمر في نهاية المطاف دون ما ينتظره المواطن والفاعل المؤسساتي. التقارير المنشورة لا تزيد شيئا عما تمتلئ به تقارير الرقابة المالية " غير العليا " للحسابات.
المشكلة في مجال الرقابة المالية أكبر من مجرد إحترام مساطر لأن فن احترامها ممكن و مسيطر عليه من طرف عتاة إحترام القواعد القانونية. ولكن فنون القتال ضد الاغتناء السريع صعبة في غياب تمكين مؤسسات الرقابة من وسائل الوصول إلى المعلومات البنكية و تلك التي تتعلق بثروات مدبري المال العام. قاضي الحسابات و مفتش المالية يعمل في إطار قانوني لا يتعدى قواعد الصرف العام ومراسيم الصفقات العمومية. أما الجانب المظلم من حركة الأموال والتدقيق التفصيلي في تنفيذ كل مكونات مشروع عمومي تعلق بالبناء أو بالدراسات التقنية فذلك صعب للغاية و يتطلب الكثير من المال والخبرة التي تحد من عمل أجهزة الرقابة. ومن أراد المزيد عليه قراءة التقارير للتأكد من محدودية دور مسؤولي الرقابة من قضاة أو من مفتشين. أتذكر لحظة تاريخية اعترض خلالها مسؤول كبير عن إخراج و نشر تقرير سنوي عن أعمال المفتشية العامة للمالية. وكان له ما أراد وخفت صوت المهنية لكثير من المهنيين ولا أقول، جزافا، من المتمكنين من أدوات الرقابة على تدبير الشأن المالي العمومي بلادنا. وللتاريخ يجب القول أن مفتشي المالية هم من أسسوا إدارة اللجنة الوطنية للحسابات التي أصبحت تسمى بالمجلس الأعلى للحسابات.
المطلوب من مؤسسة دستورية تهتم بالرقابة على الحسابات أن ترفع سقف الحرص على تدبير المال العام. الأمور التي تهم التوازنات الماكرواقتصية ليست من مكونات اختصاصاتها ولا تتوفر على الوسائل لدراسة حجم المديونية ولا الحسابات الخارجية ولا تلك التي تتعلق بالاقتصاد الكلي. أنظمة التقاعد ليست إلا جزءا من الحماية الإجتماعية و لذلك وجب عدم التطرق إليها جزئيا. الحسابات العمومية منظومة تهم الكثير من المعطيات الخاصة بكل ما يتعلق بالمداخيل والنفقات العمومية والتصرف في كل موارد البلاد، ولهذا يجب أن يتحول المجلس الأعلى للحسابات إلى مؤسسة كبرى للرقابة في مفهومها الواسع و الشامل لكل ما يتعلق باختلالات تدبير الشأن العام المالي. أن يتمخض الجبل بعد شهور عديدة من مهام الرقابة ليلد تقارير حول شكليات، فهذا أمر يتطلب تغيير إطار العمل مؤسساتيا وقانونيا. مجلس أعلى للحسابات يحتاج إلى مراجعات منهجية ووسائل عمل لتقوية دوره.
هناك من يتراقص فرحا حين يقرأ جملة في تقرير عن مؤسسة أوجماعة ترابية. وهناك من يصدر حكما مسبقا ويقول الكثير عن قرب تسليط سيف الرقابة على رقاب مسؤولين في قريب عاجل. من يعرف تعقد المساطر لا ينتظر شيئا من ملاحظات تحتاج إلى تكييف قضائي وإلى سنوات من التحقيق. مشكلتنا الأساسية توجد في شكلية المساطر. قد تظهر كل آثار الاغتناء السريع وغير المبرر على مدبر للشأن العام وقد تضعف أمامها كل المؤسسات. كائن حزبي قد يتحول إلى مستثمر افتراضي وينتقل من شقة فقير إلى قصر فرعوني المساحات ويظل بعيدا عن المساءلة القانونية والمؤسساتية والسياسية والمالية. حزبه يحميه وكل المساطر تحميه وحتى عتاة الكلام يحمونه ويظل الشاهد الوحيد أمام ألله على ثرواته غير الشرعية ذلك المواطن البسيط الذي يعرف الحقيقة في زمن تغييب الحقيقة.
لا أدري لماذا تم تحييد المفتشية العامة للمالية وتقليص أدوراها سنوات قليلة بعد وصول حكومة التناوب إلى تقمص دور الفاعل في التغيير. قيل أن الأمر يتطلب التكيف مع ضرورة التخفيف من ضغط المرور من مرحلة إلى أخرى. وفي الأقوال كثير من الإختلاف. وبعد ذلك تم الرفع من درجة الخطاب حول الرقابة المالية وأصبح موعد إخراج تقرير المجلس الأعلى للحسابات وقراءة خلاصاته سياسيا بامتياز. والأمر في نهاية المطاف دون ما ينتظره المواطن والفاعل المؤسساتي. التقارير المنشورة لا تزيد شيئا عما تمتلئ به تقارير الرقابة المالية " غير العليا " للحسابات.
المشكلة في مجال الرقابة المالية أكبر من مجرد إحترام مساطر لأن فن احترامها ممكن و مسيطر عليه من طرف عتاة إحترام القواعد القانونية. ولكن فنون القتال ضد الاغتناء السريع صعبة في غياب تمكين مؤسسات الرقابة من وسائل الوصول إلى المعلومات البنكية و تلك التي تتعلق بثروات مدبري المال العام. قاضي الحسابات و مفتش المالية يعمل في إطار قانوني لا يتعدى قواعد الصرف العام ومراسيم الصفقات العمومية. أما الجانب المظلم من حركة الأموال والتدقيق التفصيلي في تنفيذ كل مكونات مشروع عمومي تعلق بالبناء أو بالدراسات التقنية فذلك صعب للغاية و يتطلب الكثير من المال والخبرة التي تحد من عمل أجهزة الرقابة. ومن أراد المزيد عليه قراءة التقارير للتأكد من محدودية دور مسؤولي الرقابة من قضاة أو من مفتشين. أتذكر لحظة تاريخية اعترض خلالها مسؤول كبير عن إخراج و نشر تقرير سنوي عن أعمال المفتشية العامة للمالية. وكان له ما أراد وخفت صوت المهنية لكثير من المهنيين ولا أقول، جزافا، من المتمكنين من أدوات الرقابة على تدبير الشأن المالي العمومي بلادنا. وللتاريخ يجب القول أن مفتشي المالية هم من أسسوا إدارة اللجنة الوطنية للحسابات التي أصبحت تسمى بالمجلس الأعلى للحسابات.
المطلوب من مؤسسة دستورية تهتم بالرقابة على الحسابات أن ترفع سقف الحرص على تدبير المال العام. الأمور التي تهم التوازنات الماكرواقتصية ليست من مكونات اختصاصاتها ولا تتوفر على الوسائل لدراسة حجم المديونية ولا الحسابات الخارجية ولا تلك التي تتعلق بالاقتصاد الكلي. أنظمة التقاعد ليست إلا جزءا من الحماية الإجتماعية و لذلك وجب عدم التطرق إليها جزئيا. الحسابات العمومية منظومة تهم الكثير من المعطيات الخاصة بكل ما يتعلق بالمداخيل والنفقات العمومية والتصرف في كل موارد البلاد، ولهذا يجب أن يتحول المجلس الأعلى للحسابات إلى مؤسسة كبرى للرقابة في مفهومها الواسع و الشامل لكل ما يتعلق باختلالات تدبير الشأن العام المالي. أن يتمخض الجبل بعد شهور عديدة من مهام الرقابة ليلد تقارير حول شكليات، فهذا أمر يتطلب تغيير إطار العمل مؤسساتيا وقانونيا. مجلس أعلى للحسابات يحتاج إلى مراجعات منهجية ووسائل عمل لتقوية دوره.
وللتذكير وجب القول أن بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط ومصالح وزارة الإقتصاد والمالية تنتج قاعدة بيانات مفصلة عن الإقتصاد الوطني. المطلوب من كل مؤسسات المغرب التركيز على مهامها والإتيان بالبرهان على فاعليتها. والسلام على مغرب المؤسسات الفاعلة.