dimanche 25 mai 2025
كتاب الرأي

مَحمد المذكوري: إلى مسؤولي وزارة الشباب وجامعة التخييم

مَحمد المذكوري: إلى مسؤولي وزارة الشباب وجامعة التخييم مَحمد المذكوري
كنت قد قررت أن أستنكف عن متابعة تحضيرات وانطلاق مخيمات الصيفية لهذه السنة كعادتي بإشارات وكتابات أساهم بها في التنبيه للانزلاقات واعطي رأيي في بعض النقط التي تأخذ مكانة لدى المهتمين وتبحث لها عن حلول من أجل اصلاح الاخطاء التي سقط فيها القطاع الوصي وشركائه أو المنتفعين من هذا الموسم؛ ولكني استثني وقفة ملحة اليوم (مع تخوفي من ان أضطر الى استثناءات أخرى) بسبب انها لم تأخذ من الانتباه ما يكفي ولن تزداد الا استفحالا، ولكي استدل بها عما أثير من سلبيات منذ صدور المرسوم رقم 186. 21. 2 المتعلق بتنظيم مراكز التخييم التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالشباب. 
انها تتعلق بالمخيمات الأخرى تلك التي تنظمها مؤسسات تجارية خاصة (شركات ومدارس وجمعيات)، فالبعض لا يهتم بالموضوع الا من باب الاسترزاق والبعض الذي يخوض معارك المراكز والاعداد مع الجامعة والوزارة جعلته لا يهتم وإن كان مسؤولا عما وصلت اليه الاختيارات بحكم سكوته المتعمد على الاقل منذ صدور المرسوم،
ولا انتظر ردا بالخصوص من طرف أطر الجامعة ومسؤوليها بأننا نخضع لهذا المرسوم ولا يمكننا أن نطالب أو نخرج من تصنيفاته، إذ أن أطر الوزارة لا يفعلون الا ما يؤتمرون به، ولو أن كثيرا منهم ليسوا موافقين على هذا التفتيت غير مفهوم،  
إن المرسوم إياه باقتصاره على مخيمات القطاع الحكومي المكلف بالشباب فقد فتح باب فوضى بدأت من قبل وهي فتح فضاءات ومراكز لإقامة مخيمات أو بالأحرى مصطافات سياحية تأخذ مظاهر متعددة غير التنشيط التربوي الهادف بدون معايير ولا مرجعية ولا تقنين.
إن أزمات التخييم تاريخيا التي جاءت نتيجة غياب خطة وسياسة محكمة ورؤيا واضحة يساهم فيها اليوم هذا الانحسار الرسمي بهذا المرسوم الذي يقلص مدى الاشراف القانوني لتنظيم المخيمات في مراكز تابعة للقطاع الحكومي إياه فقط، ولا تعمل على ضم كل التفرعات والانتشار الهائل فسيعود الاشراف بحكم هذا الفراغ القانوني تحت طائلة من أحكام تجارية ومدنية وجنائية عوض قانون يشمل هذا الموضوع ولا يفصل فقط في مؤسسات معينة أقيمت في وقت كانت الدولة فيه هي الفاعل المباشر، وهذا التراجع عن إشراف ( وهو في الأصل لم يكن واضحا) سينتج عنه خلل في المنظومة حيث سيخلق حالات شاذة في قطاع اجتماعي بامتياز يتزايد عليه الطلب والحاجة.
فما هو مصير وروح ومضمون الظهير الخاص بتنظيم إدارة الشبيبة والرياضات المؤرخ في 28 شتنبر 1940، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 1481 بتاريخ 14 مارس 1941، الذي جاء في فصله التاسع : “ تشتمل الأقسام الخارجية المكلفة بالشبيبة و الرياضات على مراكز لتهذيب أبدان الشبيبة وعلى محلات مستمرة أو مؤقتة وبوجه عام على جميع المنظمات التي تهم الشبيبة والرياضات، وكذلك الظهير المتعلق ببعض مؤسسات المخصصة بالشبيبة والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 1492 بتاريخ 30 ماي 1941، الذي جاء في فصله الأول: أن المؤسسات الخاصة بتهذيب الشبيبة مثل ميادين الألعاب في الهواء الطلق أو المراكز التي يأوي إليها الأولاد والفتيان المخصصة باستراحة الصبيان فيتوقف إحداثها أو توسيعها أو تحويلها من مكان إلى آخر على إذن مدير الصحة العمومية والشبيبة بعد استشارة مدير الأمور السياسية ومدير العلوم والمعارف.
إن المرسوم يحمل بين ثناياه تناقضا مع واقع مسؤولية الوزارة كما تمارس في أرض الواقع وتناقض آخر حتى مع مرسوم اختصاصات الوزارة.
هذا المرسوم لم يحل على أي قانون يقوم بتعريف هذه المؤسسة المجتمعية ويضعها في موضعها، هي التي تنتج لها علاقات داخلية وخارجية وتفاعل في المجتمع وشروط قيام يجب أن يحدد القانون معايير انشائها وتدبيرها واستغلالها، هي مؤسسة مجتمعية لها وجود خارج وزارة الشباب وتحدث وتدبر بشروط عرفية كانت معترف بها للسلطة الحكومية التي يقع تحت سلطتها القطاع بحق مراقبة ولو غير مباشر، ونعني بذلك تلك المخيمات التي تنشئ بمبادرة من الشؤون الاجتماعية لبعض القطاعات الحكومية أو شبه عمومية، أو تلك التي تنشئ بناء على برامج استثمارية خاصة. 
لم يقر ولم يتطرق هذا المرسوم للعلاقة القانونية التنظيمية المفترضة بين "جامعة" تطمح لان تكون منظما وشريكا في القطاع ويرجى لها موقع بحكم القانون لا بحكم المتعارف عليه وسيط منظم وليس مسير بين الجمعيات والوزارة التي تقوم بدورها في المراقبة والمواكبة وتتخلى عن التدبير المباشر. 
ولم يتطرق الى أي شروط للاستفادة من المخيمات في مستوى علاقة آباء وأولياء الأطفال والشباب بالهيئات والجمعيات المنظمة ثم علاقة ذلك بالسلطة الحكومية إياها، ماعدا ضرورة التأمين في شقه التجاري المحض والغاء مبدأ مسؤولية الوزارة التي كانت قائمة سابقا بحكم القانون (وهو كذلك يحتاج لمراجعة وضبط وموقف قانوني)، ولا للنتائج القانونية الناتجة عن اخلال أحد الأطراف بالاتفاق الضمني لقضاء عطلة منظمة في مكان محدد، أو الاضرار الناتجة للمستهدفين ومنهم للغير...
اننا إذ نطرح من جديد هذا الموضوع فذلك نظرا لانطلاق وتكاثر حملات تسجيل الأطفال وفتح هذه المخيمات الخارجة على سلطة المرسوم إياه، فتحت سلطة من تقع مسؤولية الاشراف عليها ومراقبتها، إنه يرمي بحق المراقبة والتتبع من سلطة حكومية مؤهلة دستوريا لذلك إلى سلط أخرى تقوم بدور في مجال لا يقوم فيه بدور رسمي أحدا!، فكروا في من سيراقب إحداث المخيمات وتسييرها وهي التي تنبث كالطحالب بدون رخص ولا تقع تحت أي مراقبة!، ولذلك قارنا انشاء واحداث واستغلال مخيمات الكاراجات وحدائق الفيلات بمشكلة الفراشة في ازقة المدن وساحاتها، وفوضى مواقف السيارات ومقالع الرمال والاحجار والتخلص من النفايات، حيث يفرض فوضويون أنفسهم في تجارة كل شيء بدون قوانين ولا ضوابط ولا جبايات، يبيعون حقا أشياء يبيعها أصحاب المتاجر ولكن بدون رخصة وبدون ضرائب وبدون مصادر معلومة.