استبشر المواطنون خيرا وهم يقرأون خبر منع برلمانيين من حضور افتتاح الدورة البرلمانية الحالية من طرف جلالة الملك. وحتى نكون واضحين، لم يظن أحد أن قرار المنع جاء بفعل صحوة أخلاقية لمكتبي البرلمان.
الكل ظن أن الأمر بعدم الحضور املته قواعد أعلى من تلك التي تمرر بها قرارات السلطة التشريعية. تم التراجع عن منع حضور البرلمانيين الذين لا زالت قضاياهم رائجة أمام المحاكم. وسيظل الأمر على ما هو عليه لسنين طويلة إلى أن تصل الملفات إلى الأحكام النهائية. قد تنتهي الولاية البرلمانية وتستمر الأمور في عبور صعب للمساطر والزمن السياسي والقضائي.
والمؤكد أن المؤسسات ستتضرر وثقة المواطنين فيها لن تتحسن. وسيستمر احتلال مؤسسات البلاد التمثيلية للشعب من طرف من لا يخافون من نتائج المحاسبة. وأين هي المحاسبة؟
من يقف أمام تقدم للبلاد في اتجاه صيانة الحقوق والواجبات؟ من يسمح لزمرة فاسدة أن تعيث في الأرض فسادا وتعيق التنمية في بلادنا؟ من يتحرك بكثير من المكر لإضعاف كل خطط ملك البلاد في تقريب الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من شعبه؟
بالأمس خاطب الملك محمد السادس البرلمانيين والشعب بقوة وبنظرة إلى مستقبل تعمه العدالة الاجتماعية بالأمس قال للبرلمانيين أن قوة المغرب في تضامن مكوناته وأبناءه. ورغم كل هذا الالتزام الملكي الراسخ ابى زعماء الأحزاب إلا أن يكون اعضاؤهم المتورطون في قضايا الفساد حاضرون تحت قبة البرلمان. لقد فقدنا البوصلة الوطنية ونزلنا إلى الحضيض.
المتهمون والذين يمثلون أمام القضاء مصرون على الظهور بمظهر "مظلوم" لم يحكم نهائيا. تبا للسياسة وممارستها التي لا تقبل ضرورة المحاسبة والعزلة الشريفة إلى أن تنتهي المحاكم من قول القانون في النوازل أو في الملفات.
الافلات من العقاب أصبح جزءا من برامج كثير من الأحزاب. يهرب بعض الجناة من حزب كان في الحكومة إلى حزب أصبح في يشعرون بالأمان وقد يكونوا قد اشتروه بالمال الكثير وبالمواقف المتنكرة للحزب الذي كانوا من بين قياداته قبل أن يتنكروا له.
وهكذا أصبحت النتيجة كفر بالسياسة وبالمؤسسات وتجارة مربحة عبر تضخم ثروات بالرشاوي واستغلال النفوذ وغياب المراقبة. وهكذا سادت ثقافة " أنصر عضو حزبك ظالما كان أو مظلوما".
وهكذا تحول خادم مدير أو وزير أو صاحب سلطة إلى صانعي رؤساء مجالس ترابية ينعمون بثروات كبيرة وهم لم يمتلكوا أبدأ وسائل إنتاج ثروة ولا استفادوا من إرث ولو عن طريق زوجة أو حفيد. زد على كل ما سبق أن المدافعين عن تغييب التكوين العالي اوصلوا الفاشليين دراسيا إلى دهاليز التحكم في الدكاترة والمهندسين والأساتذة. وهؤلاء الفاشلين لا يتقنون إلا التسول والعربدة السياسية وخدمة حماتهم القدرة الخارقة والمحمية على الاستيلاء على خيرات الوطن ومعاداة مصالحه.
الوطن لن تحصنه قوى تعاديه ولهذا أصبح الوقوف على أسباب الداء لحظة تاريخية بامتياز. من يقفون في كل المحطات التي يمر بها ملك البلاد يعبرون عن ثقتهم فيه وينتظرون بكثير من الوعي أن يستمر مسلسل الإصلاح لتنظيف بيتنا الداخلي من الخونة ولكي نصبح قوة اقتصادية واجتماعية تنتج الثروة. نتمنى أن نصل إلى المرحلة التي سيقول فيها الملك الملتزم بقضايا شعبه، هذه هي ثروة المغاربة التي صنعوها بعرق جبينهم بعد أن تمت عمليات تنظيف مؤسساتنا ممن يعرقلون العدالة والمساواة والصعود الاقتصادي.