jeudi 22 mai 2025
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: متاهة البعد الاجتماعي

إدريس المغلشي: متاهة البعد الاجتماعي إدريس المغلشي
في عهد حكومة سبقها لغط كثير ولم تحز اعترافا وطنيا رغم كل طقوس البهرجة والانتشاء والفرحة التي سبقت، وكثير من الكلام الذي رفع السقف عاليا دون أن يحدد مجالات التدخل ولا تواريخ معلومة بمؤشرات. بعدما لعبوا على دغدغة العواطف وإطلاق وعود كذبها الواقع ولم يلمس المواطن ولا إجراء يتيما تبخر الكلام، وساد الفراغ معه اليأس ولم تظهر أي بوادر لانفراج أزمة اقتصادية مست كثير من القطاعات.
كثير من المواطنين لم يكونوا متفائلين بالحكومة الحالية في تبني الطرح الاجتماعي وذلك راجع بالأساس إلى عدة إجراءات لم تنفذها ابتداء من عائدات الزيادات الغير القانونية التي همت المحروقات والتي لم تستفد منها الخزينة العامة، بل استطاعت أن تخنق القدرة الشرائية من خلال الرفع من أسعار بعض المواد الأساسية كالخضر واللحوم وهلم جرا، بل لم تكلف نفسها لا تخفيضها ولا ترتيب الجزاءات على انتهاز الفرصة للزيادة في كل شيء أمام صمت كل من مجلس المنافسة وأجهزة مراقبة الأسعار وجمعية حماية المستهلك، والتي اكتفت ببعض البيانات تظهر الحياد السلبي عوض الترافع الشرس على المواطن المقهور، الذي ترك لوحده يصارع مطبات هذه الكوارث دون ان يجد سندا ولامعينا. خذلته الأحزاب سواء كانت معارضة أو أغلبية. ولا أدل على ذلك من مهزلة جلسة لمناقشة الدعم الاجتماعي المباشر التي احتضنتها قبة البرلمان، حيث عقد لقاء مشترك بين الغرفتين البرلمان والمستشارين. حيث استهل اللقاء بنقط نظام بين الرد والرد المضاد في سلوك يتجاوز الأخلاق السياسية وحالات شرود تظهر جليا أننا أمام نخب غير جديرة بثقة الشعب .
وقد عشنا مع السيد رئيس الحكومة جلسة تعذيب للغة الدستور العربية التي لم نعد نفهم مضامين العرض أمام ركاكة الأسلوب وكيف اعتلى المنصة نماذج شبهها أحد الظرفاء من قبيل "لازين لامجي بكري " كما عرف اللقاء بعض الخرجات اللامسؤولة من قبيل (هاد البرلمانيين باسلين عندك) بعدما أسرها رئيس مجلس المستشارين وفضحها مكبر الصوت. دون أن ننسى التصفيق المبالغ فيه على كل كلمة نطقها رئيس الحكومة ومن مهازل اللقاء أن يستمر التصفيق حتى على اجراءات رفع أسعار البوطة وغيرها من القرارات التي تحتاج للتوضيح كما تستوجب المساءلة من أجل الفهم والتجويد وكذلك الضمانات لتنفيذها.
وتوسيع النقاش حول الطبقة المتوسطة التي عاشت مع هذه الحكومة المشؤومة استهدافا مباشرا ولم تعد تقوى على البقاء في ظل اجراءات تحد من قدرتها. أن التضامن الذي يتكلم عنه رئيس الحكومة بدعوى أنه صفة أصيلة في الشعب يستدعي تضامن كل مكوناته وترشيد النفقات ومحاربة الفساد والريع المستشري في دواليب الإدارة وتحديد الأولويات وتأهيل المؤسسات والمرافق الوطنية من اجل استقبال يحفظ للمواطنين كرامتهم وتقدم لهم خدمات ناجعة وذات جودة. وتلك صورة تشير أننا امام مجلسين لا يمثلان الشعب بقدر ما يمثلون جهات أخرى. مشهد سوريالي يوضح بجلاء اننا نعيش أسوأ مرحلة في الفعل السياسي بعدما غادر الساحة الفاعلون الحقيقيون واحتل مكانهم تجار وسماسرة ومرتزقة. باعوا كل شيء في مزاد علني.