jeudi 22 mai 2025
كتاب الرأي

يوسف بوش: عرض تحت عنوان علاقة حقوق الطفل بالاقتصاد وتأثير السياسات المالية عليها

يوسف بوش: عرض تحت عنوان علاقة حقوق الطفل بالاقتصاد وتأثير السياسات المالية عليها يوسف بوش
إذا كان الطفل والطفلة هما نواة المجتمع فهما طفلا اليوم وراشدا الغد؛ فإن الاقتصاد هوعصب حياة المجتمعات حاضرا و مستقبلا.
 
وإذا كان الاقتصاد كما هم معروف ينبني على مجموعة من الموارد منها المالية والمادية فلق أهم عنصر أو مورد هو العنصر البشري أو ما يطلق عليه الموارد البشرية التي تضمن للاقتصاد السواعد والعقول لتحريك تروسه والإبداع في أنظمته و برمجة لوجسيالاته الذكية وغير الذكية.
 
فالاقتصاد لابد له من عمال ومهندس ي ومقدمي خدمات ومعلمين ووووو، باختصار كل الفاعلين فيه. لكن من أين لهؤلاء بالمهارات التي يتطلبها سوق العمل والاقتصاد؟
 
الجواب: هو في التربية والتعليم، فعن طريقهما يكتسب الطفل (المورد البشري المستقبلي) مهاراته الصلبة واللينة من هنا تظهر أهمية الاستثمار في الطفل و بالتالي الاستثمار في التربية والتعليم وباقي حقوق الطفل باعتبارها وحدة مترابطة لا تقبل التجزئة .
 
أن أهمية الاستثمار في الطفل عن طريق التعليم والتربية وتوفير كل حقوقه يجب ان لا ينظر اليها على أنها مجرد ترف فكري أو مجتمعي أو نقاش صالونات بل إنها جوهر الاقتصاديات كوريا واليابان (مثلا)، تلك الأهمية التي من نتائجها المباشرة
التنمية ونهضة على الفرد زيادة دخله وارتقائه المجتمعي وسهولة انتقاله بين مجالات العمل وحتى الاختيار بين اليدوي والفكري أما على المجتمع فإن نتيجتها نظ هر في رفع مردودية العمال والموظفين والمستخدمين والكتلة البشرية النشيطة كما وكيفا وذلك بالرفع من القدرة الإنتاجية. كما أن التربية والتعليم يؤديان إلى إعادة توزيع الثروة داخل المجتمع لكما يؤديان إلى الحراك الاجتماعي.
 
غير أنه للأسف واقعنا يظهر ترديا للعملية التعليمية والتربوية لأسباب داخلية وخارجية يعلمها الجميع (تخلي الدولة عن القطاعات التي تعتبرها غير منتجة كالصحة والتعليم بل ومكلفة في نظرها وتركيزها على الأمن مثلا بإيحاءات خارجية أو إكراهات داخلية) .
 
وهذا ناتج عن النظرة الى الطفل خصوصا والإنسان عموما على أنه مجرد وحدة استهلاكية وليس وحدة اقتصادية يستثمر فيها فتستهلك من أجل أن تنتج هذا القول يدفعنا الى الخوض في ميدان اقتصاد التربية وهو ميدان وإن لم نكن من أهل اختصاصه فإننا من المعنيين به أفرادا وجماعات.
 
فماذا يقول هذا العلم ؟
أن مفهوم اقتصاديات التربية يعني أن للتربية صفة وخصائص اقتصادية وبذلك تخضع لكل للقوانين والمفاهيم الاقتصادية وعملياتها من ندرة وإنتاج وتوزيع وتبادل واستثمار وتوظيف واستهلاك، ويتم إنتاج الرأسمال البشري (التربوي) داخل المؤسسات التعليمية والتربوية فالطفل والتلميذ هما المادة الولية التي تدخل مصنع الجمعية والمدرسة ثم الكلية أو معاهد التكنولوجيا ثم التدريب لنحصل على رأسمال بشري يشكل ثروة إن لم تكن هي أم الثروات وبذلك يكون الإنفاق على التربية والتعليم إنفاقا استثماريا وليس مجرد استهلاك.
 
والراسمال البشري بهذا المنظور يمكن مرا لثمته وزيادته وتجويده ويمكن استثماره ويمكن تبديده كما يمكن إهماله ويمكن اختلاسه وسرقته عن طريق الهجرة المنظمة للأدمغة واليد العاملة المدربة واغتيال بعضها . نعم كلفة هذا الإنتاج البشري مرتفعة ومدته طويلة ولكن كما يقول المثل الصيني إذا كنت تريد أن تجني على عام فازرع القمح و إن كنت تريد أن تجني بعد مائة عام فعلم الشعب.
 
وبتطبيق هذا المثل وغيره كمقولة اعرف نفسك التي اطلقها كونفيشيوس وطبقتها كوريا استطاعت مع باقي الشعوب الأسيوية كسنغافورة واليابان من إنتاج رأسمال بشري كفو لحنها إلى نادي المصنعين والاقتصاديين الكبار بل وأصبحت مصدرة للرأسمال والمعرفة والخبرة، وبذلك أدخلتنا هذه الشعوب إلى مرحلة جديدة من مراجل الاقتصاد ان شنتم مفهوم جديد هو اقتصاد المعرفة الذي يتميز عن الاقتصاد الكلاسيكي بالإضافة إلى العناصر الأساسية للإنتاج وهي الأرض واليد العاملة وراس المال بعنصر رابع هو الرأسمال البشري الذي تعتبر المعرفة الفنية والإبداع والذكاء والمعلومات والبرمجة والتكنولوجيا أهم تجلياته. وللوصول إلى الرأسمال البشري لابد من اتفاق المال وهو الإنفاق الذي يتناسب طرديا مع كمية ونوعية الرأسمال، وبالنظر إلى أن الرأسمال البشري هو ثروة الأمة فلفه لا ينبغي على الدول والمنظمات المالية الدولية أن تسند أمر تكوينه إلى الأفراد من منطق المبادرة الحرة ودعه يعمل دعه يمر، بل عليها أن تتكلف به وترسم حدوده وأهدافه تكفل وتمويله مع اشراك القطاع الخاص في تلك العملية.
 
لذا يطرح السؤال من اين بذلك التمويل؟
الجواب بسيط وبديهي وهو الميزانية العامة وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في التربية والتعليم.
 
لكن أطفالنا ونحن معهم ومعنا منظمة اليونيسيف ترى أن رصد الميزانية للتربية والتعليم وعموما للطفل يجب ان تنطلق من الطفل وبواسطة الطفل واليه، فأكبر العوائق التي تحول دون إعمال حقوق الطفل يتمثل في عدم تخصيص موارد كافية مع أن الاستثمار في الطفل يعود بفوائد على الأفراد في المدى القصير، ويحقق مكاسب للمجتمعات على المدى الطويل من حيث النمو الاقتصادي والتنمية البشرية.
 
وإن المادة 4 من اتفاقية حقوق الطفل تسعى في ذلك إذ تضع التزاما على عاتق جميع الدول بأن تستثمر في الطفل إلى أقصى حد تسمح به الموارد المتاحة لها. وإبلاء الأولوية لحقوق الطفل في الميزانية العامة، تطبيقا لمبدأ المصالح الفضلى للطفل مع اعتبار الأطفال مستفيدين ومشاركين تشيطين في صوغ العمليات السياساتية وتلك المتعلقة بالميزانية. ويستلزم ذلك توخي العلانية والشفافية والمساءلة في تلك العمليات، وتقديم معلومات كافية بطريقة ملائمة للطفل.
 
وللوصول إلى ذلك يجب أن تتوفر لدى الحكومة بيانات كاملة ومصنفة بشأن حالة الأطفال والاستناد إليها فيوضع أي مقترحات في المستقبل. كما يجب أن تكون الحكومة قد اضطلعت بتقييم الآثار المترتبة على تدابير الميزانية، فضلا عن آثار الميزانيات السابقة. ويجب حشد موارد كافية للاستثمار في الطفل كما يجب أن تكون الموارد المستخدمة مستدامة، والا تجلب معها عبء مديونية باهظ يثقل كاهل الأجيال المقبلة. وأن تكون الطريقة التي تجمع بها الأموال عادلة وتدريجية، مع إيلاء اهتمام خاص لحالات الضعف. وعند إقرار الميزانية، يجب أن يحظى الإنفاق على الطفل بالأولوية ، ولوضع ميزانية عادلة وشاملة يجب إيلاء اهتمام خاص للأطفال الذين يوجدون في حالات ضعف، كما يجب تقييم آثار الميزانية ككل على حقوق الطفل ويجب استخدام الموارد المخصصة بفعالية وينبغي نشر معلومات عن النفقات، كما ينبغي أن تنشئ الحكومات آليات للرصد. والمساءلة العامة تشمل مراجعة الحسابات.
 
أيها الحضور الكريم
إيمانا منا داخل حركة الطفولة الشعبية بان الطفل الذي يتمتع بحقوقه هو طفل لا ح دود لقدراته وان الطفل الذي لم تحترم حقوقه هو إنسان بانطلاقة خاطئة ويعطي في المستقبل مجتمع معاق و اقتصاد مبتور وبالتالي تنمية محدودة لا تتوفر على جميع مقومات نهضتها، وإيمانا بأن من الحقوق الأساسية والبديهية للطفل والتي لا تستوجب الكثير هي حقه في الحلم مما يستوجب بيئة مناسبة لذلك وهو ما لا يمكن الوصول اليه إلا بالتربية والتعليم والتشجيع على التفكير المنطقي والإبداع الحر، مما يجعلنا ننادي من هذا المنبر وكما فعلت الحركة في منابر أخرى بمحاربة الهدر المدرسي والجمعوي ومحاربة، ذر الرأسمال البشري بتهميشه وإقصائه ودفعه إلى الهجرة، ومحاربة ، ذر الموارد المالية لأولياء الأمور في نفقات غير لازمة ) دفاتر أكبر من مستوى المتمدرسين ) وهدر البنايات والطاقات البشرية دون استعمالها في تكوين أجيال الغد وبالتالي الرأسمال البشري.
 
وجوب تطوير نظرتنا وحكوماتنا إلى التربية والتعليم من اعتبارهما حقان اجتماعيان إلى اعتبارهما حقان ينظمان مع الحقوق الاقتصادية كذلك والحق في التنمية المستدامة يجب تجاوز النظر من طرف الحكومات والمنظمات النقدية من اعتبار التربية والتعليم الحقوق الكونية للطفل مجرد منافذ استهلاكية إلى النظر اليها باعتبارها عناصر الازمة للدورة الاقتصادية والنهضة التنموية محليا ووطنيا ودوليا وعلى أساس من العدل والمساواة مع استحضار البعد الأخلاقي والإنساني، وعلى هذا الأساس على الحكومات ان تهتم بمسألة تمويل التربية والتعليم وأن تضعهما ضمن أولويات المالية والإنفاق العامين مع التشديد على النجاعة ( المردودية ) والحكامة ( الرقابة ) .
 
إننا في حركة الطفولة الشعبية ندعو الى تطوير مشاركة الأطفال في وضع الميزانية العامة والمحلية وهو ما لا يتأتى دون تفعيل برلمانات الطفل وإعطائها اختصاصات استشارية موازية للبرلمانات العادية خاصة في وضع الميزانية .
 
الأستاذ يوسف بوش/ محام بهيئة الرباط مقبول لدى محكمة النقض، عضو المكتب التنفيذي لحركة الطفولة الشعبية