dimanche 4 mai 2025
سياسة

صافي الدين البدالي: الحكومة المغربية ..وشبح الإفلاس

صافي الدين البدالي: الحكومة المغربية ..وشبح الإفلاس عزيز أخنوش رئيس الحكومة وصافي الدين البدالي

يعرف المغرب ارتفاعا في الأسعار وشحا في الخزينة وتفاقما في الديون وتضاربا في أرقام التضخم، علاوة على حدة الاحتقان الاجتماعي واحتجاجات التنظيمات النقابية المطالبة بالزيادة في الأجور والتعويضات. وأمام كل هذه المؤشرات استقرأت "أنفاس بريس" رأي الفاعل السياسي والحقوقي صافي الدين البدالي، وسألته ألا تتجه الدولة المغربية نحو الإفلاس الذي يجعلها عاجزة عن القيام بدورها ووظيفتها على غرار النموذج اللبناني. فأعد البدالي الورقة التالية:

 

منذ تنصيب الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش وهي ترفع شعارات إصلاحية كبرى لا تلامس الواقع الذي يعيشه الشعب المغربي، مما جعلها تظهر عاجزة أمام تفاقم الأوضاع الداخلية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث ارتفاع الأسعار بلغت ذروتها بشكل غير مسبوق خاصة في المحروقات وما ترتب عنها من ارتفاع أثمان المواد الاستهلاكية حتى أصبحت بعيدة المنال على شرائح عريضة من المجتمع، وارتفاع نسبة الديون الخارجية بنسبة 8 %، مما أثر سلبا على الخزينة.

أما معدل التضخم فإنه يتجه نحو 4,7% مما جعل المغرب يجد صعوبة في تمويل حاجياته، بالإضافة إلى ارتفاع معد البطالة إلى 12,3 %.

هذا وإن نفاذ الاحتياطي الوطني من المحروقات بعد عملية اغتيال مصفاة "لاسامير" ظهرت بقوة في الوقت الراهن، والحكومة اختارت الهروب إلى الأمام بدل إعادة تشغيل هذه المصفاة التي تعتبر عالمية وذلك لفائدة المضاربين في المحروقات. إن هذه المؤشرات كانت السبب فيما يعرفه المغرب من حدة الاحتقان الاجتماعي واحتجاجات التنظيمات النقابية/القطاعية المطالبة بالزيادة في الأجور ومنح التعويضات، والتراجع عن التوظيف بالتعاقد في التعليم وتنامي الجريمة ومظاهر الفساد ونهب المال العام والتهرب الضريبي والتهرب من المسائلة والمحاسبة، كلها مؤشرات تدل على إفلاس الحكومة وعجزها عن القيام بدورها في التنمية وفي تدبير الشأن العام بطريقة علمية.

فالحكومة تحتاج إلى فهم الواقع الاجتماعي والسياق الدولي العام للتعاطي معه .

إن هذا الوضع يطرح علينا عدة أسئلة منها: لماذا تلجأ الحكومة إلى معالجة الأزمة بأخواتها؟ هل ليست بها كفاءات؟ أي الشعار التي تم رفعه في الانتخابات السابقة " نريد حكومة كفاءات " لماذا لم تستطع التحكم في الأسعار ومنها أسعار المحروقات ولم تستطع الحد من التضخم؟ إن الجواب على مثل هذه الأسئلة يحيلنا على طبيعة هذه الحكومة وكيف تشكلت والبرامج التي قرأتها على البرلمان لكسب الثقة.

أولا: هي حكومة جاءت نتيجة الانتخابات 8 شتنبر 2021، وهي الانتخابات التي كان فيها المال هو الحاسم في صناعة الأغلبية، بحيث كانت سيطرة الأعيان وأصحاب الشكارة واضحة للعيان، فلم تأت هذه الانتخابات بالكفاءات ولا بالشباب الواعد كما كان يقال في الخطابات الرسمية، حتى أصبحت الأحزاب التي ترغب في مقاعد في الحكومة تتوسل التقنوقراط لتوهم الرأي العام بأنها أحزاب كفاءات. إنها أول معضلة سيكولوجية تعيشها الحكومة.

ثانيا: لم يكن لهذه الحكومة برنامج مبني على أولويات المجتمع المغربي وأولها ضمان الاستقرار المعيشي والنفسي باستحضار التحولات المناخية والتحولات التي يعرفها العالم لتوفير شروط العيش الكريم وشروط التشغيل، ليس كما وعد به رئيس الحكومة في برنامجه التشغيلي الذي ما هو إلا نسخة لسياسة الإنعاش الوطني، وهو حل ترقيعي لا يرقى إلى حل معضلة البطالة ولا لتشغيل الشباب الحامل للشهادات، بل عبارة عن ريع مالي سيستفيد منه المسؤولون.

ثالثا: إن العجز الحكومي مرده إلى حماية الفساد والمفسدين والتشجيع على نهب المال العام من خلال سحب مشروع قانون الاغتناء غير المشروع من البرلمان من أجل إرضاء أصحاب "الشكارة " والتشجيع على إقتصاد الريع الذي يستنزف مالية الدولة، ثم تجميد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وكذلك ما يسعى إليه وزير العدل من اقتراح قانون يحمي رؤساء الجماعات من مراقبة المجتمع المدني ومن جمعيات حماية المال العام. كل هذه المبادرات جعلت الحكومة تبتعد عن عمق المشكل الذي سوف يؤدي بالدولة إلى الإفلاس وإلى أزمات سياسية غير مسبوقة.

رابعا: إقدام الحكومة على قمع الحريات العامة وحرية الرأي ومحاكمة الصحافيين وأساتذة التعاقد وإهمال المدرسة العمومية والمستشفيات، هي خطوات غير مسبوقة جعلت الشعب يفقد الثقة منها أي يجب عليها أن تنسحب بسلام قبل فوات الأوان.